٨٨٨ - وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ، وَلْيَحْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ لَا يَكْتُمْ، وَلَا يُغَيِّبْ، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ الْجَارُودِ، وَابْنُ حِبَّانَ.
الدَّالِّ عَلَى وُجُوبِ ضَمَانِهَا، وَأَقْرَبُ الْأَقْوَالِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُ أَذِنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اسْتِنْفَاقِهِ لَهَا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهَا ثُمَّ أَمَرَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الِاسْتِنْفَاقِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا إنْ جَاءَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ، وَذَلِكَ تَضْمِينٌ لَهَا
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ فَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِوَاجِدِ الْغَنَمِ فِي الْمَكَانِ الْقَفْرِ الْبَعِيدِ مِنْ الْعُمْرَانِ أَنْ يَأْكُلَهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هِيَ لَك أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ» فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْهَلَاكِ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ أَنْ تَأْخُذَهَا أَوْ أَخُوك، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ صَاحِبِهَا أَوْ مِنْ مُلْتَقِطٍ آخَرَ، وَالْمُرَادُ مِنْ الذِّئْبِ جِنْسُ مَا يَأْكُلُ الشَّاةَ مِنْ السِّبَاعِ، وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى أَخْذِهِ إيَّاهَا، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهَا لِصَاحِبِهَا أَوْ لَا فَقَالَ الْجُمْهُورُ إنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا، وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَاحْتُجَّ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُلْتَقِطِ وَالذِّئْبِ، وَالذِّئْبُ لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ الْمُلْتَقِطُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللَّامَ لَيْسَتْ لِلتَّمْلِيكِ لِأَنَّ الذِّئْبَ لَا يَمْلِكُ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَاءَ صَاحِبُهَا قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَهَا الْمُلْتَقِطُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا
(وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ، وَقَدْ حُكِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهَا لَا تُلْتَقَطُ بَلْ تُتْرَكُ تَرْعَى الشَّجَرَ، وَتَرِدُ الْمِيَاهَ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا قَالُوا: وَقَدْ نَبَّهَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهَا غَنِيَّةٌ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى الْحِفْظِ بِمَا رَكَّبَ اللَّهُ فِي طِبَاعِهَا مِنْ الْجَلَادَةِ عَلَى الْعَطَشِ، وَتَنَاوُلِ الْمَاءِ بِغَيْرِ تَعَبٍ لِطُولِ عُنُقِهَا، وَقُوَّتِهَا عَلَى الْمَشْيِ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى الْمُلْتَقِطِ بِخِلَافِ الْغَنَمِ، وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ، وَغَيْرُهُمْ الْأَوْلَى الْتِقَاطُهَا قَالَ الْعُلَمَاءُ:، وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْتِقَاطِ الْإِبِلِ أَنَّ بَقَاءَهَا حَيْثُ ضَلَّتْ أَقْرَبُ إلَى وِجْدَانِ مَالِكِهَا لَهَا مِنْ تَطَلُّبِهِ لَهَا فِي رِحَالِ النَّاسِ.
(وَعَنْ عِيَاضٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ، ابْنِ حِمَارٍ) بِلَفْظِ الْحَيَوَانِ الْمَعْرُوفِ صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَوَيْ عَدْلٍ، وَلْيَحْفَظْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ لَا يَكْتُمْ وَلَا يُغَيِّبْ فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ الْجَارُودِ، وَابْنُ حِبَّانَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute