بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ
٥٨٩ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ: وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} وَالتَّنْصِيصُ عَلَى بَعْضِ الْأَصْنَافِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّخْصِيصُ فَإِنَّهُ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِتَخْصِيصِ مَصْرِفِهَا فَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ «أُمِرْت أَنْ آخُذَهَا مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ»
(بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) أَيْ النَّفْلِ
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ» - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ -) فِي تَعْدَادِ السَّبْعَةِ وَهُمْ «الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَافْتَرَقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» (وَفِيهِ «رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
قِيلَ: الْمُرَادُ بِالظِّلِّ الْحِمَايَةُ وَالْكَنَفُ، كَمَا يُقَالُ: أَنَا فِي ظِلِّ فُلَانٍ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ ظِلُّ عَرْشِهِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ» وَبِهِ جَزَمَ الْقُرْطُبِيُّ وَقَوْلُهُ (أَخْفَى) بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي حَالٌ بِتَقْدِيرِ قَدْ وَقَوْلُهُ (حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ) مُبَالَغَةٌ فِي الْإِخْفَاءِ وَتَبْعِيدُ الصَّدَقَةِ عَنْ مَظَانِّ الرِّيَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ عَنْ شِمَالِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ إخْفَاءِ الصَّدَقَةِ عَلَى إبْدَائِهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ فِي إظْهَارِهَا تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الِاقْتِدَاءِ وَأَنَّهُ يَحْرُسُ سِرَّهُ عَنْ دَاعِيَةِ الرِّيَاءِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} الْآيَةَ، وَالصَّدَقَةُ فِي الْحَدِيثِ عَامَّةٌ لِلْوَاجِبَةِ وَالنَّافِلَةِ فَلَا يُظَنُّ أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالنَّافِلَةِ حَيْثُ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ يُعْمَلُ بِهِ فِي قَوْلِهِ: " وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ " فَإِنَّ الْمَرْأَةَ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْإِمَامَةِ، وَلَا مَفْهُومَ أَيْضًا لِلْعَدَدِ فَقَدْ وَرَدَتْ خِصَالٌ أُخْرَى تَقْتَضِي الظِّلَّ وَأَبْلَغَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْفَتْحِ إلَى ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ خَصْلَةً وَزَادَ عَلَيْهَا الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ حَتَّى أَبْلَغَهَا إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute