٥٨٨ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ، وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ. وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ
أَبُو سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ هُوَ أَطْوَلُ صُحْبَةً مِنْهُ وَأَعْلَمُ بِحَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ صَرَّحَ مُعَاوِيَةُ بِأَنَّهُ رَأْيٌ رَآهُ لَا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ " أَنَّهُ قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنَّهُ قَالَ: إنِّي أَرَى مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ بِذَلِكَ النَّاسُ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ " الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فِي الْكِتَابِ؛ فَهَذَا صَرِيحٌ أَنَّهُ رَأَى مُعَاوِيَةَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ إيرَادِ أَحَادِيثَ فِي الْبَابِ مَا لَفْظُهُ: وَقَدْ وَرَدَتْ أَخْبَارٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَوَرَدَتْ أَخْبَارٌ فِي نِصْفِ صَاعٍ وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنْت عِلَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي الْخِلَافِيَّاتِ انْتَهَى.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ» الْوَاقِعِ مِنْهُ فِي صَوْمِهِ (وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ)
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا لِقَوْلِهِ: " فَرَضَ " كَمَا سَلَفَ.
وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَاتِ تُكَفِّرُ السَّيِّئَاتِ.
وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وَقْتَ إخْرَاجِهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَأَنَّ وُجُوبَهَا مُؤَقَّتٌ فَقِيلَ: تَجِبُ مِنْ فَجْرِ أَوَّلِ شَوَّالٍ لِقَوْلِهِ «أَغْنُوهُمْ عَنْ الطَّوَافِ فِي هَذَا الْيَوْمِ» وَقِيلَ: تَجِبُ مِنْ غُرُوبِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ؛ لِقَوْلِهِ " طُهْرَةً لِلصَّائِمِ " وَقِيلَ: تَجِبُ بِمُضِيِّ الْوَقْتَيْنِ عَمَلًا بِالدَّلِيلَيْنِ.
وَفِي جَوَازِ تَقْدِيمِهَا أَقْوَالٌ مِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَهَا بِالزَّكَاةِ؛ فَقَالَ: يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا وَلَوْ إلَى عَامَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجُوزُ فِي رَمَضَانَ لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ لَهَا سَبَبَيْنِ: الصَّوْمَ وَالْإِفْطَارَ، فَلَا تَتَقَدَّمُهُمَا كَالنِّصَابِ وَالْحَوْلِ، وَقِيلَ: لَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا إلَّا مَا يُغْتَفَرُ كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَأَدِلَّةُ الْأَقْوَالِ كَمَا تَرَى.
وَفِي قَوْلِهِ " طُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ " دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِمْ بِهَا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْآلِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهَا كَالزَّكَاةِ تُصْرَفُ فِي الثَّمَانِيَةِ الْأَصْنَافِ وَاسْتَقْوَاهُ الْمَهْدِيُّ لِعُمُومِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute