٧٧٨ - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ: هُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا وَفِي الْبَابِ مَا يَشُدُّهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضْلِ الْإِقَالَةِ وَحَقِيقَتُهَا شَرْعًا رَفْعُ الْعَقْدِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ إجْمَالًا، وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا وَهُوَ أَقَلْت، أَوْ مَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ عُرْفًا، وَلِلْإِقَالَةِ شَرَائِطُ ذُكِرَتْ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهَا تَكُونُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِقَوْلِهِ بَيْعَتَهُ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمُقَالِ مُسْلِمًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ حُكْمًا أَغْلَبِيًّا وَإِلَّا فَثَوَابُ الْإِقَالَةِ ثَابِتٌ فِي إقَالَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَقَدْ وَرَدَ بِلَفْظِ مَنْ أَقَالَ نَادِمًا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ.
بَابُ الْخِيَارِ
الْخِيَارُ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ مِنْ الِاخْتِيَارِ أَوْ التَّخْيِيرِ وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ وَهُوَ أَنْوَاعٌ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ خِيَارَ الشَّرْطِ وَخِيَارَ الْمَجْلِسِ (عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ» أَيْ أَوْقَعَا الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا لَا تَسَاوُمًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ «فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَفِي لَفْظٍ يَفْتَرِقَا وَالْمُرَادُ بِالْأَبْدَانِ (وَكَانَا جَمِيعًا أَوْ يُخَيِّرُ) مِنْ التَّخْيِيرِ (أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَيْ إذَا اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا الْخِيَارَ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَإِنَّ الْخِيَارَ لَا يَنْقَضِي بِالتَّفَرُّقِ بَلْ يَبْقَى حَتَّى تَمْضِي مُدَّةُ الْخِيَارِ الَّتِي شَرَطَهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ إذَا اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ وَبَطَلَ اعْتِبَارُ التَّفَرُّقِ وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُهُ «فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» أَيْ نَفَذَ وَتَمَّ (وَإِنْ تَفَرَّقَا) بِالْأَبْدَانِ (بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا) أَيْ عَقَدَا عَقْدَ الْبَيْعِ «وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ وَأَنَّهُ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَحْصُلَ التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ وَقَدْ اخْتَلَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute