١٢٠٨ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ - وَلِأَبِي دَاوُد: أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ، وَسَهْمًا لَهُ.
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِكَوْنِهِ الَّذِي قَسَمَ أَوَّلًا، وَمَنْ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى الْأَمِيرِ فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ الَّذِي أَعْطَى ذَلِكَ أَصْحَابَهُ آخِرًا. وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّنْفِيلِ لِلْجَيْشِ وَدَعْوَى أَنَّهُ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ تَنْفِيلُ الْأَمِيرِ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ وَقَوْلُ مَالِكٍ إنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ التَّنْفِيلُ بِشَرْطٍ مِنْ الْأَمِيرِ بِأَنْ يَقُولَ مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا، قَالَ: لِأَنَّهُ يَكُونُ الْقِتَالُ لِلدُّنْيَا فَلَا يَجُوزُ - يَرُدُّهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» سَوَاءٌ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ تَشْرِيعٌ عَامٌّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَمَّا لُزُومُ كَوْنِ الْقِتَالِ لِلدُّنْيَا فَالْعُمْدَةُ الْبَاعِثُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ قَوْلُ الْإِمَامِ: مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا قِتَالُهُ لِلدُّنْيَا بَعْدَ الْإِعْلَامِ لَهُ أَنَّ الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ جَاهَدَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا. فَمَنْ كَانَ قَصْدُهُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ لَمْ يَضُرَّهُ أَنْ يُرِيدَ مَعَ ذَلِكَ الْمَغْنَمَ وَالِاسْتِرْزَاقَ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي» وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَكُونُ التَّنْفِيلُ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ الْخُمُسِ أَوْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ؟ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَكْثَرُ مَا رُوِيَ مِنْ الْأَخْبَارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَلَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ.
(وَعَنْهُ) أَيْ ابْنِ عُمَرَ (قَالَ «قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ وَلِأَبِي دَاوُد) أَيْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَسْهَمَ لِلرَّجُلِ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ وَسَهْمًا لَهُ» الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْهَمُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ ثَلَاثَةُ سِهَامٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ لَهُ سَهْمٌ وَلِفَرَسِهِ سَهْمَانِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ النَّاصِرُ وَالْقَاسِمُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَمْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِكُلِّ إنْسَانٍ سَهْمًا فَكَانَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ» وَلِمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ «الزُّبَيْرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَرَبَ لَهُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ وَسَهْمًا لَهُ وَسَهْمًا لِقَرَابَتِهِ» يَعْنِي مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ الْفَرَسَ لَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ لِمَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ «فَأَعْطَى لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ وَلَا يُقَاوِمُ حَدِيثَ الصَّحِيحَيْنِ. وَاخْتَلَفُوا إذَا حَضَرَ بِفَرَسَيْنِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يُسْهَمُ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ وَلَا يُسْهَمُ لَهَا إلَّا إذَا حَضَرَ بِهَا الْقِتَالَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute