٢٠٣ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ، فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ أَذًى أَوْ قَذَرًا فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد. وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ
وَهُوَ " مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ " أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُوهُ؛ وَشَهِدَ بَدْرًا، وَقُتِلَ مَرْثَدٌ يَوْمَ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ شَهِيدًا، فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا تُصَلُّوا إلَى الْقُبُورِ وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَفِيهِ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ إلَى الْقَبْرِ، كَمَا نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ، وَالْأَصْلُ التَّحْرِيمُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَكُونُ بِهِ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ إلَى الْقَبْرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا يُعَدُّ مُسْتَقْبِلًا لَهُ عُرْفًا؛ وَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ، وَقَدْ وَرَدَتْ بِهِ أَحَادِيثُ كَحَدِيثِ جَابِرٍ فِي وَطْءِ الْقَبْرِ، وَحَدِيثِ " أَبِي هُرَيْرَةَ «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
وَقَدْ ذَهَبَ إلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ وَعَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ الْقُعُودَ عَلَيْهَا وَنَحْوَهُ وَإِنَّمَا النَّهْيُ عَنْ الْقُعُودِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ؛ وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ " عَلِيٍّ " - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " أَنَّهُ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْقَبْرَ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهِ " وَمِثْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ " ابْنِ عُمَرَ " وَغَيْرِهِ وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ التَّحْرِيمُ كَمَا عَرَفْت غَيْرَ مَرَّةٍ؛ وَفِعْلُ الصَّحَابِيِّ لَا يُعَارِضُ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِعْلَ الصَّحَابِيِّ دَلِيلٌ لِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَلَا يَخْفَى بُعْدَهُ.
[وَعَنْ " أَبِي سَعِيدٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ] أَيْ نَعْلَيْهِ، كَمَا دَلَّ لَهُ قَوْلُهُ: [فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ أَذًى أَوْ قَذَرًا] شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي [فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا]. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ اُخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، وَرَجَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَصْلَهُ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ وَعَلَى أَنَّ مَسْحَ النَّعْلِ مِنْ النَّجَاسَةِ مُطَهِّرٌ لَهُ مِنْ الْقَذَرِ وَالْأَذَى، وَالظَّاهِرُ فِيهِمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ النَّجَاسَةُ، رَطْبَةً أَوْ جَافَّةً، وَيَدُلُّ لَهُ سَبَبُ الْحَدِيثِ وَهُوَ إخْبَارُ جِبْرِيلَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ فِي نَعْلَيْهِ أَذًى، فِي صَلَاتِهِ وَاسْتَمَرَّ فِيهَا، فَإِنَّهُ سَبَبُ هَذَا.
وَأَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ مُلْتَبِسٌ بِنَجَاسَةٍ غَيْرَ عَالَمٍ مَا بِهَا، أَوْ نَاسِيًا لَهَا، ثُمَّ عُرِّفَ بِهَا فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَتُهَا، ثُمَّ يَسْتَمِرُّ فِي صَلَاتِهِ، وَيَبْنِي عَلَى مَا صَلَّى، وَفِي الْكُلِّ خِلَافٌ إلَّا أَنَّهُ لَا دَلِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute