١٠٦٤ - وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد.
١٠٦٥ - «وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إهَابٍ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: لَقَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: كَيْفَ، وَقَدْ قِيلَ فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ فَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ وَكَانَ ثِقَةً حَافِظًا وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَوَقَفَهُ. قُلْت: وَهَذَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ كَمَا قَرَرْنَاهُ مِرَارًا، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ إنَّ الْهَيْثَمَ كَانَ يَغْلَطُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ التَّحْدِيدَ بِالْحَوْلَيْنِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْحَدِيثُ دَالٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَوْلَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا يُسَمَّى الرَّضَاعُ رَضَاعًا إلَّا فِي الْحَوْلَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا إنَّمَا دَلَّتْ عَلَى حُكْمِ الْوَاجِبِ مِنْ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا لَا عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ تَقَدَّمَ دَفْعُهُ وَيَدُلُّ لِهَذَا الْحُكْمِ:
قَوْلُهُ: (وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَزَ» بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ فَزَايٍ أَيْ شَدَّ وَقَوَّى (الْعَظْمَ، وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد)، فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ هُوَ فِي سِنِّ الْحَوْلَيْنِ يَنْمُو بِاللَّبَنِ وَيَقْوَى بِهِ عَظْمُهُ وَيَنْبُتُ عَلَيْهِ لَحْمُهُ.
(وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ)، وَهُوَ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنُ عَامِر الْقُرَشِيُّ النَّوْفَلِيُّ أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ يُعَدُّ فِي أَهْلِ مَكَّةَ (أَنَّهُ تَزَوَّجَ أُمَّ يَحْيَى بِنْتَ أَبِي إهَابٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ (فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ) قَالَ الْمُصَنِّفُ لَمْ أَعْرِفْ اسْمَهَا «فَقَالَتْ قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ كَيْفَ، وَقَدْ قِيلَ؟ فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ فَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ).
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْمُرْضِعَةِ وَحْدَهَا تُقْبَلُ وَبَوَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُفَارَقَةُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِذَلِكَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الرَّضَاعِ إلَّا امْرَأَتَانِ وَذَهَبَ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ الرَّضَاعَ كَغَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَقَرَّرَ فِعْلُهَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ مَعَ ثَلَاثِ نِسْوَةٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُعَرِّضَ بِطَلَبِ أُجْرَةٍ قَالُوا: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالتَّحَرُّزِ عَنْ مَظَانِّ الِاشْتِبَاهِ وَأُجِيبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute