٤٣٠ - وَعَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ: يُقَلِّلُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ " وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ "
الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَفَضْلُ) أَيْ زِيَادَةُ (ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. " رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إحْرَازِهِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَجْرِ مِنْ الِاغْتِسَالِ إلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ»، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيَانُ أَنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّافِلَةِ حَسْبَمَا يُمْكِنُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْهَا بِحَدٍّ فَيَتِمُّ لَهُ هَذَا الْأَجْرُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَقَوْلُهُ: " أَنْصَتَ " مِنْ الْإِنْصَاتِ، وَهُوَ السُّكُوتُ، وَهُوَ غَيْرُ الِاسْتِمَاعِ إذْ هُوَ الْإِصْغَاءُ لِسَمَاعِ الشَّيْءِ وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ هَلْ الْإِنْصَاتُ يَجِبُ أَوْ لَا.
وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْكَلَامِ إنَّمَا هُوَ حَالَ الْخُطْبَةِ لَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، وَلَوْ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا نَهْيَ عَنْهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ " حَتَّى "، وَقَوْلُهُ: " غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ " أَيْ مَا بَيْنَ صَلَاتِهَا وَخُطْبَتِهَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْجُمُعَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى يَكُونَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ أَيْ غُفِرَتْ لَهُ الْخَطَايَا الْكَائِنَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَغُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ السَّبْعِ حَتَّى تَكُونَ عَشْرَةٌ وَهَلْ الْمَغْفُورُ الْكَبَائِرُ؟ الْجُمْهُورُ عَلَى الْآخَرِ، وَأَنَّ الْكَبَائِرَ لَا يَغْفِرُهَا إلَّا التَّوْبَةُ.
(وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ» جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَوْ صِفَةُ الْعَبْدِ، وَالْوَاوُ لِتَأْكِيدِ لُصُوقِ الصِّفَةِ (يُصَلِّي) حَالٌ ثَانٍ (يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى) حَالٌ ثَالِثٌ (شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَأَشَارَ) أَيْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا ") يُحَقِّرُ وَقْتَهَا (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ) هُوَ الَّذِي أَفَادَهُ لَفْظُ يُقَلِّلُهَا فِي الْأُولَى، وَفِيهِ إبْهَامُ السَّاعَةِ وَيَأْتِي تَعْيِينُهَا وَمَعْنَى " قَائِمٌ " أَيْ مُقِيمٌ لَهَا مُتَلَبِّسٌ بِأَرْكَانِهِ لَا بِمَعْنَى حَالِ الْقِيَامِ فَقَطْ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ ثَابِتَةٌ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْحُفَّاظِ وَأُسْقِطَتْ فِي رِوَايَةِ آخَرِينَ.
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِحَذْفِهَا مِنْ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّهُ اسْتَشْكَلَ الصَّلَاةَ إذْ وَقْتَ تِلْكَ السَّاعَةِ إذَا كَانَ مِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ فَهُوَ وَقْتُ كَرَاهَةٍ لِلصَّلَاةِ، وَكَذَا إذَا كَانَ مِنْ حَالِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى انْصِرَافِهِ، وَقَدْ تَأَوَّلْتُ هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute