١٣٧٠ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رِضَا اللَّهِ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ اللَّهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
عَلَى التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ الْمَالِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ.
(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «رِضَا اللَّهِ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ وَسَخَطُ اللَّهِ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ». أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ إرْضَاءِ الْوَلَدِ لِوَالِدَيْهِ وَتَحْرِيمِ إسْخَاطِهِمَا فَإِنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ مَرْضَاةُ اللَّهِ وَالثَّانِيَ فِيهِ سَخَطُهُ فَيُقَدِّمُ رِضَاهُمَا عَلَى فِعْلِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجِهَادِ فَقَالَ: أَحَيٌّ وَالِدَاك؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْيَمَنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ هَاجَرْت قَالَ: هَلْ لَك أَهْلٌ بِالْيَمَنِ؟ فَقَالَ: أَبَوَايَ قَالَ أَذِنَا لَك؟ قَالَ لَا قَالَ فَارْجِعْ فَاسْتَأْذِنْهُمَا فَإِنْ أَذِنَا لَك فَجَاهِدْ وَإِلَّا فَبِرَّهُمَا» وَفِي إسْنَادِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْجِهَادِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَالْأَمِيرِ حُسَيْنٍ ذَكَرَهُ فِي الشِّفَاءِ وَالشَّافِعِيُّ فَقَالُوا: يَتَعَيَّنُ تَرْكُ الْجِهَادِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْأَبَوَانِ إلَّا فَرْضَ الْعَيْنِ. كَالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا الْأَبَوَانِ بِالْإِجْمَاعِ. وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَالْمَنْدُوبِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْأَبَوَانِ مَا لَمْ يَتَضَرَّرَا بِسَبَبِ فَقَدْ الْوَلَدِ، وَحَمَلُوا الْأَحَادِيثَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي حَقِّ الْوَالِدَيْنِ، وَأَنَّهُ يَتْبَعُ رِضَاهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ سَخَطُ اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} قُلْت الْآيَةُ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا حَمَلَاهُ عَلَى الشِّرْكِ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُطِيعُهُمَا فِي تَرْكِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَالْعَيْنِ، لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ خَصَّصَ فَرْضَ الْعَيْنِ وَأَمَّا إذَا تَعَارَضَ حَقُّ الْأَبِ وَحَقُّ الْأُمِّ فَحَقُّ الْأُمِّ مُقَدَّمٌ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صُحْبَتِي قَالَ أُمُّك ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ أَبُوك» فَإِنَّهُ دَلَّ عَلَى تَقْدِيمِ رِضَا الْأُمِّ عَلَى رِضَا الْأَبِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ لِلْأُمِّ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِ مَا لِلْأَبِ، قَالَ: وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِصُعُوبَةِ الْحَمْلِ ثُمَّ الْوَضْعِ ثُمَّ الرَّضَاعِ. قُلْت وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا} وَمِثْلُهَا {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ} قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ الْأُمَّ تَفْضُلُ عَلَى الْأَبِ فِي الْبِرِّ وَنَقَلَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا. وَاخْتَلَفُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute