للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

٨٦٢ - عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ عَمَّرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» قَالَ عُرْوَةُ: وَقَضَى بِهِ عُمَرُ فِي خِلَافَتِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

الْمَوَاتُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ الْخَفِيفَةِ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تَعْمُرُ شُبِّهَتْ الْعِمَارَةُ بِالْحَيَاةِ وَتَعْطِيلُهَا بِعَدَمِ الْحَيَاةِ وَإِحْيَاؤُهَا عِمَارَتُهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِحْيَاءَ وَرَدَ عَنْ الشَّارِعِ مُطْلَقًا وَمَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ لِأَنَّهُ قَدْ يُبَيِّنُ مُطْلَقَاتِ الشَّارِعِ كَمَا فِي قَبْضِ الْمَبِيعَاتِ وَالْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ مِمَّا يَحْكُمُ بِهِ الْعُرْفُ، وَاَلَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِحْيَاءُ فِي الْعُرْفِ أَحَدُ خَمْسَةِ أَسْبَابٍ تَبْيِيضُ الْأَرْضِ وَتَنْقِيَتُهَا لِلزَّرْعِ، وَبِنَاءُ الْحَائِطِ عَلَى الْأَرْضِ وَحَفْرُ الْخَنْدَقِ الْقَعِيرِ الَّذِي لَا يَطْلُعُ مَنْ نَزَلَهُ إلَّا بِمَطْلَعٍ، هَذَا كَلَامُ الْإِمَامِ يَحْيَى. (عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ عَمَّرَ أَرْضًا» بِالْفِعْلِ الْمَاضِي وَوَقَعَ أَعْمَرَ فِي رِوَايَةٍ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ «لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» قَالَ عُرْوَةُ وَقَضَى بِهِ عُمَرُ فِي خِلَافَتِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِحْيَاءَ تَمَلُّكٌ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ مَلَكَهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ ثَبَتَ فِيهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ إذْنُ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ هَذَا الْحَدِيثُ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَمَا صِيدَ مِنْ طَيْرٍ وَحَيَوَانٍ وَأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إذْنُ الْإِمَامِ، وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ يَدٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ الْهَادَوِيَّةِ، وَقَالَ الْمُؤَيَّدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا بِحَالٍ لِجَرْيِهَا مَجْرَى الْأَمْلَاكِ لِتَعَلُّقِ سُيُولِ الْمُسْلِمِينَ بِهَا إذْ هِيَ مَجْرَى السُّيُولِ وَقَالَ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ - وَهُوَ قَوِيٌّ - فَإِنْ تَحَوَّلَ عَنْهَا جَرْيُ الْمَاءِ جَازَ إحْيَاؤُهَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِانْقِطَاعِ الْحَقِّ وَعَدَمِ تَعَيُّنِ أَهْلِهِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ الْإِذْنُ مَعَ ذَلِكَ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ لَا ضَرَرَ فِيهَا، وَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لِكَافِرٍ بِالْإِحْيَاءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَارِي الْأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ» وَالْخِطَابُ لِلْمُسْلِمِينَ. وَقَوْلُهُ وَقَضَى بِهِ عُمَرُ قِيلَ هُوَ مُرْسَلٌ لِأَنَّ عُرْوَةَ وُلِدَ فِي آخَرِ خِلَافَةِ عُمَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>