[باب الوقف]
٨٧١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمَاءِ وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ وَتَسَامُحِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَاءُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ مَنْعُ الْمِيَاهِ الْمُجْتَمِعَةِ مِنْ الْأَمْطَارِ فِي أَرْضِ مُبَاحَةٍ وَأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا لِقُرْبِ أَرْضِهِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَكَذَلِكَ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ أَحَقُّ بِهِ يَسْقِيهَا وَيَسْقِي مَاشِيَتَهُ وَيَجِبُ بَذْلُهُ لِمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ فِي أَرْضِهِ أَوْ دَارِهِ عَيْنٌ نَابِعَةٌ أَوْ بِئْرٌ احْتَفَرَهَا فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ بَلْ حَقُّهُ فِيهِ تَقْدِيمُهُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلِلْغَيْرِ دُخُولُ أَرْضِهِ كَمَا سَلَفَ فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ نَفْسِهِمَا؟ قِيلَ يَجُوزُ بَيْعُ الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ لِأَنَّ النَّهْيَ وَارِدٌ عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ لَا الْبِئْرِ وَالْعُيُونُ فِي قَرَارِهِمَا فَلَا نَهْيَ عَنْ بَيْعِهِمَا وَالْمُشْتَرِي لَهُمَا أَحَقُّ بِمَائِهِمَا بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ وَقَدْ ثَبَتَ شِرَاءُ عُثْمَانَ لِبِئْرِ رُومَةَ مِنْ الْيَهُودِيِّ بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَبَّلَهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ الْمَاءُ لَا يُمْلَكُ فَكَيْفَ تَحَجَّزَ الْيَهُودِيُّ الْبِئْرَ حَتَّى بَاعَهَا مِنْ عُثْمَانَ؟ قِيلَ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَقَبْلَ تَقَرُّرِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْيَهُودِيِّ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْقَاهُمْ أَوَّلَ الْأَمْرِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَقَرَّرَهُمْ عَلَى مَا تَحْتَ أَيْدِيهمْ.
الْوَقْفُ لُغَةً الْحَبْسُ يُقَالُ وَقَفْت كَذَا أَيْ حَبَسْته وَهُوَ شَرْعًا حَبْسُ مَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ) ذَكَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute