٢٩٧ - وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ، وَلَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: عَجِلَ هَذَا ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ
لَمَّا رَأَيْتُهُ وَاسِعًا، وَسَمِعْته عَنْ " ابْنِ عَبَّاسٍ " صَحِيحًا. كَانَ عِنْدِي أَجْمَعَ، وَأَكْثَرَ لَفْظًا مِنْ غَيْرِهِ، فَأَخَذْت بِهِ غَيْرَ مُعَنِّفٍ لِمَنْ يَأْخُذُ بِغَيْرِهِ مِمَّا صَحَّ.
[وَعَنْ فَضَالَةَ بِفَتْحِ الْفَاءِ بِزِنَةِ سَحَابَةٍ، هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَضَالَةُ " ابْنُ عُبَيْدٍ بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ لِعَبْدٍ، أَنْصَارِيٍّ أَوْسِيٍّ، أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ أُحُدٌ، ثُمَّ شَهِدَ مَا بَعْدَهَا، وَبَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى الشَّامِ، وَسَكَنَ دِمَشْقَ، وَتَوَلَّى الْقَضَاءَ بِهَا، وَمَاتَ بِهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ: «سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: عَجِلَ هَذَا» أَيْ بِدُعَائِهِ قَبْلَ تَقْدِيمِ الْأَمْرَيْنِ «ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ» وَهُوَ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالتَّحْمِيدِ نَفْسُهُ، وَبِالثَّنَاءِ مَا هُوَ أَعَمُّ: أَيْ عِبَارَةٌ، فَيَكُونُ مِنْ عِطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ [ثُمَّ يُصَلِّي] هُوَ خَبَرُ مَحْذُوفٍ: أَيْ ثُمَّ هُوَ يُصَلِّي عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ، فَلِذَا لَمْ تُجْزَمْ [عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ] مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ].
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالدُّعَاءِ بِمَا شَاءَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي الْمَعْنَى لِحَدِيثِ " ابْنِ مَسْعُودٍ " وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ أَحَادِيثَ التَّشَهُّدِ تَتَضَمَّنُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِمَا أَجْمَلَهُ هَذَا، وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا إذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ الَّذِي سَمِعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَانَ فِي قَعْدَةِ التَّشَهُّدِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ حَالَ قَعْدَةِ التَّشَهُّدِ، إلَّا أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَنِّفِ لَهُ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي قُعُودِ التَّشَهُّدِ، وَكَأَنَّهُ عَرَفَ ذَلِكَ مِنْ سِيَاقِهِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَسَائِلِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَسَائِلِ وَهِيَ نَظِيرُ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} حَيْثُ قَدَّمَ الْوَسِيلَةَ وَهِيَ الْعِبَادَةُ، عَلَى طَلَبِ الِاسْتِعَانَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute