بَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ
١٢٣٢ - عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «سَابَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ، مِنْ الْحَفْيَاءِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ فِيمَنْ سَابَقَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. زَادَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ سُفْيَانُ: مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ، أَوْ سِتَّةٌ، وَمِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ.
السَّبْقُ: بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرٌ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَيُقَالُ بِتَحْرِيكِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ الرَّهْنُ الَّذِي يُوضَعُ لِذَلِكَ (وَالرَّمْيُ) مَصْدَرُ رَمَى وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُنَاضَلَةُ بِالسِّهَامِ لِلسَّبْقِ.
(عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «سَابَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ» مِنْ التَّضْمِيرِ وَهُوَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ أَنْ يُظَاهَرَ عَلَيْهَا بِالْعَلَفِ حَتَّى تَسْمَنَ ثُمَّ لَا تُعْلَفَ إلَّا قُوتَهَا لِتَخِفَّ زَادَ فِي الصِّحَاحِ، وَذَلِكَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَهَذِهِ الْمُدَّةُ تُسَمَّى الْمِضْمَارَ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي يُضَمَّرُ فِيهِ الْخَيْلُ أَيْضًا مِضْمَارٌ وَقِيلَ تُشَدُّ عَلَيْهَا سُرُوجُهَا وَتُجَلَّلُ بِالْأَجِلَّةِ حَتَّى تَعْرَقَ فَيَذْهَبَ رَهَلُهَا وَيَشْتَدَّ لَحْمُهَا (مِنْ الْحَفْيَاءِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ مَمْدُودَةٌ وَقَدْ تُقْصَرُ مَكَانٌ خَارِجَ الْمَدِينَةِ (وَكَانَ أَمَدُهَا) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ غَايَتُهَا (ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ) مَحَلٌّ قَرِيبٌ مِنْ الْمَدِينَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْخَارِجَ مِنْ الْمَدِينَةِ يَمْشِي مَعَهُ الْمُوَدِّعُونَ إلَيْهَا «وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ فِيمَنْ سَابَقَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (قَالَ سُفْيَانُ مِنْ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ وَمِنْ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ السِّبَاقِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ بَلْ مِنْ الرِّيَاضَةِ الْمَحْمُودَةِ الْمُوصِلَةِ إلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الْجِهَادِ وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الِاسْتِحْبَابِ وَالْإِبَاحَةِ بِحَسَبِ الْبَاعِثِ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ الدَّوَابِّ وَعَلَى الْأَقْدَامِ وَكَذَا التَّرَامِي بِالسِّهَامِ وَاسْتِعْمَالُ الْأَسْلِحَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّدَرُّبِ عَلَى الْحَرْبِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَضْمِيرِ الْخَيْلِ الْمُعَدَّةِ لِلْجِهَادِ وَقِيلَ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute