١٤٥٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ، إلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
(وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ عَمَلًا أَنْجَى لَهُ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ» أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ). الْحَدِيثُ مِنْ أَدِلَّةِ فَضْلِ الذِّكْرِ وَأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِنْ مَخَاوِفِ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَهُوَ أَيْضًا مِنْ الْمُنْجِيَاتِ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَمَخَاوِفِهَا وَلِذَا قَرَنَ اللَّهُ الْأَمْرَ بِالثَّبَاتِ لِقِتَالِ أَعْدَائِهِ وَجِهَادِهِمْ بِالْأَمْرِ بِذِكْرِهِ كَمَا قَالَ: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} وَغَيْرُهَا مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي مَوَاقِفِ الْجِهَادِ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ) دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى فَضِيلَةِ مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالذَّاكِرِينَ وَفَضِيلَةِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الذِّكْرِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ «أَنَّ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى تَنَادَوْا هَلُمُّوا إلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» الْحَدِيثَ وَهَذَا مِنْ فَضَائِلِ مَجَالِسِ الذِّكْرِ تَحْضُرُهَا الْمَلَائِكَةُ بَعْدَ الْتِمَاسِهِمْ لَهَا.
وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِي حَدِيثِ الْبَزَّارِ «إنَّهُ تَعَالَى يَسْأَلُ مَلَائِكَتَهُ مَا يَصْنَعُ الْعِبَادُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ فَيَقُولُونَ يُعَظِّمُونَ آلَاءَك، وَيَتْلُونَ كِتَابَك وَيُصَلُّونَ عَلَى نَبِيِّك وَيَسْأَلُونَك لِآخِرَتِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ» وَالذِّكْرُ حَقِيقَةٌ فِي ذِكْرِ اللِّسَانِ وَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ النَّاطِقُ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِحْضَارُ مَعْنَاهُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ غَيْرَهُ فَإِنْ انْضَافَ إلَى الذِّكْرِ بِاللِّسَانِ الذِّكْرُ بِالْقَلْبِ فَهُوَ أَكْمَلُ، وَإِنْ انْضَافَ إلَيْهِمَا اسْتِحْضَارُ مَعْنَى الذِّكْرِ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَفْيِ النَّقَائِصِ عَنْهُ ازْدَادَ كَمَالًا، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي عَمَلٍ صَالِحٍ مِمَّا فُرِضَ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ جِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَكَذَلِكَ، فَإِنْ صَحَّ التَّوَجُّهُ وَأُخْلِصَ لِلَّهِ فَهُوَ أَبْلَغُ فِي الْكَمَالِ.
وَقَالَ: الْفَخْرُ الرَّازِيّ الْمُرَادُ بِذِكْرِ اللِّسَانِ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَالذِّكْرُ بِالْقَلْبِ التَّفَكُّرُ فِي أَدِلَّةِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَفِي أَدِلَّةِ التَّكَالِيفِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَى أَحْكَامِهِ وَفِي أَسْرَارِ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ.
وَالذِّكْرُ بِالْجَوَارِحِ هُوَ أَنْ تَصِيرَ مُسْتَغْرَقَةً بِالطَّاعَاتِ، وَمِنْ ثَمَّةَ سَمَّى اللَّهُ الصَّلَاةَ ذِكْرًا فِي قَوْلِهِ: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وَذَكَرَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ أَنَّ الذِّكْرَ عَلَى سَبْعَةِ أَنْحَاءٍ فَذِكْرُ الْعَيْنَيْنِ بِالْبُكَاءِ وَذِكْرُ الْأُذُنَيْنِ بِالْإِصْغَاءِ وَذِكْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute