١٠٧٤ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَيَبْدَأُ أَحَدُكُمْ بِمَنْ يَعُولُ، تَقُولُ الْمَرْأَةُ: أَطْعِمْنِي، أَوْ طَلِّقْنِي» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ قَالَ: الْمَحْفُوظُ وَقْفُهُ وَثَبَتَ نَفْيُ النَّفَقَةِ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا، وَأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي نَفَقَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ.
ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا، أَوْ حَائِلًا أَمَّا الْأُولَى فَلِهَذَا النَّصِّ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمُؤَيَّدُ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَوُجُوبُ التَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا لَا يُوجِبُ النَّفَقَةَ وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنْهُمْ الْهَادِي إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} قَالُوا: وَنَسْخُ الْمُدَّةِ مِنْ الْآيَةِ لَا يُوجِبُ نَسْخَ النَّفَقَةِ وَلِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ فَتَجِبُ نَفَقَتُهَا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا كَانَتْ تَجِبُ النَّفَقَةُ بِالْوَصِيَّةِ كَمَا دَلَّ لَهَا قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} فَنُسِخَتْ الْوَصِيَّةُ بِالْمَتَاعِ إمَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} وَإِمَّا بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ وَإِمَّا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ». وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، فَإِنَّهَا وَارِدَةٌ فِي الْمُطَلَّقَاتِ، فَلَا تَتَنَاوَلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نُسِخَتْ آيَةُ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} بِآيَةِ الْمِيرَاثِ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُنَّ مِنْ الرُّبْعِ وَالثُّمُنِ وَنُسِخَ أَجَلُ الْحَوْلِ بِأَنْ جَعَلَ أَجَلَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَأَمَّا ذِكْرُ الْمُصَنِّفِ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَكَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ الْبَائِنَ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ بِجَامِعِ الْبَيْنُونَةِ وَالْحِلِّ لِلْغَيْرِ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى» تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُمَا «وَيَبْدَأُ أَيْ فِي الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ أَحَدُكُمْ بِمَنْ يَعُولُ تَقُولُ الْمَرْأَةُ أَطْعِمْنِي، أَوْ طَلِّقْنِي». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ) أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَّا أَنَّ فِي حِفْظِ عَاصِمٍ شَيْئًا وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ شَيْءٌ تَقُولُهُ عَنْ رَأْيِك، أَوْ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: هَذَا مِنْ كِيسِي. إشَارَةً إلَى أَنَّهُ مِنْ اسْتِنْبَاطِهِ هَكَذَا قَالَهُ النَّاظِرُونَ فِي الْأَحَادِيثِ وَاَلَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute