كِتَابُ الْبُيُوعِ
اعْلَمْ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي شَرْعِيَّةِ الْبَيْعِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ تَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ غَالِبًا وَصَاحِبُهُ قَدْ لَا يَبْذُلُهُ فَفِي شَرْعِيَّةِ الْبَيْعِ وَسِيلَةٌ إلَى بُلُوغِ الْغَرَضِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ، انْتَهَى. وَإِنَّمَا جَمْعُهُ دَلَالَةٌ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَلَفْظُهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ يُطْلَقُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَهُمَا مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمَعَانِي الْمُتَضَادَّةِ. وَحَقِيقَةُ الْبَيْعِ لُغَةً: تَمْلِيكُ مَالٍ بِمَالٍ وَزَادَ فِيهِ الشَّرْعُ قَيْدَ التَّرَاضِي وَقِيلَ: هُوَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فِي مَالَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا مَعْنَى التَّبَرُّعِ فَتَخْرُجُ الْمُعَاطَاةُ وَقِيلَ: مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ لَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ فَتَدْخُلُ فِيهِ الْمُعَاطَاةُ. وَالدَّلِيلُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» وَلَمَّا كَانَ الرِّضَا أَمْرًا خَفِيًّا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ وَجَبَ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ الصِّيغَةُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى صِيغَةِ الْجَزْمِ لَفْظُهَا لِتَتِمَّ مَعْرِفَةُ الرِّضَا وَقَدْ اسْتَثْنَى الْمُحَقَّرَ مِنْ ذَلِكَ لِجَرْيِ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ بِالدُّخُولِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ وَهَذَا عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute