للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٠٧ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ: إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ، فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ؟ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «كَانَ الطَّلَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ طَلَاقُ الثَّلَاثِ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ مُهْلَةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ) الْحَدِيثُ ثَابِتٌ مِنْ طُرُقٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ أَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ مِنْ عُمَرَ مُخَالَفَةُ مَا كَانَ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ فِي عَصْرِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ فِي أَوَّلِ أَيَّامِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِسِتَّةِ أَجْوِبَةٍ: (الْأَوَّلُ): أَنَّهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ثُمَّ نُسِخَ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " قَالَ كَانَ الرَّجُلُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَنُسِخَ ذَلِكَ " اهـ. إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ النَّسْخُ فَبَقِيَ الْحُكْمُ الْمَنْسُوخُ مَعْمُولًا بِهِ إلَى أَنْ أَنْكَرَهُ عُمَرُ.

(قُلْت): إنْ ثَبَتَتْ رِوَايَةُ النَّسْخِ فَذَاكَ وَإِلَّا، فَإِنَّهُ يُضَعِّفُ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ إلَخْ، فَإِنَّهُ وَاضِحٌ فِي أَنَّهُ رَأْيٌ مَحْضٌ لَا سُنَّةَ فِيهِ وَمَا فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِأَبِي الصَّهْبَاءِ " لَمَّا تَتَابَعَ النَّاسُ فِي الطَّلَاقِ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَأَجَازَهُ عَلَيْهِمْ ".

(ثَانِيهَا): أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا مُضْطَرِبٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَقَعَ فِيهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ الِاضْطِرَابُ فِي لَفْظِهِ فَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَنْقُولٌ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ وَالْعَادَةُ تَقْتَضِي أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ وَيَنْتَشِرَ، وَلَا يَنْفَرِدَ بِهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَهَذَا يَقْتَضِي التَّوَقُّفَ عَنْ الْعَمَلِ بِظَاهِرِهِ إذَا لَمْ يَقْتَضِ الْقَطْعَ بِبُطْلَانِهِ اهـ.

(قُلْت): وَهَذَا مُجَرَّدُ اسْتِبْعَادٍ، فَإِنَّهُ كَمْ مِنْ سُنَّةٍ وَحَادِثَةٍ انْفَرَدَ بِهَا رَاوٍ، وَلَا يَضُرُّ سِيَّمَا مِثْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَبْرِ الْأُمَّةِ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ الثَّلَاثُ وَاحِدَةً مَا يَأْتِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي رُكَانَةَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ كَلَامٌ وَسَيَأْتِي.

(الثَّالِثُ): أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ هِيَ قَوْلُ الْمُطَلِّقِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ فِي عَصْرِ النُّبُوَّةِ وَمَا بَعْدَهُ وَكَانَ حَالُ النَّاسِ مَحْمُولًا عَلَى السَّلَامَةِ وَالصِّدْقِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّ اللَّفْظَ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ لَا تَأْسِيسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>