٢٧٩ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ - وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ - اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ " أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَالَ: اللَّهُمَّ] لَمْ أَجِدْ لَفْظَ اللَّهُمَّ فِي مُسْلِمٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ، وَوَجَدْتهَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ] بِنَصَبِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ، وَيَجُوزُ رَفْعُهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ [السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ] وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ " وَمِلْءَ الْأَرْضِ " وَهِيَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ كُلُّهَا لَيْسَتْ لَفْظَ أَبِي سَعِيدٍ، لِعَدَمِ وُجُودِ اللَّهُمَّ فِي أَوَّلِهِ، وَلَا لَفْظِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِوُجُودِ مِلْءِ الْأَرْضِ فِيهَا [وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ] بِضَمِّ الدَّالِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْقَطْعِ عَنْ الْإِضَافَةِ وَنِيَّةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ. [أَهْلَ] بِنَصْبِهِ عَلَى النِّدَاءِ أَوْ رَفْعِهِ: أَيْ أَنْتَ أَهْلُ [الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ أَحَقُّ] بِالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ تَقْدِيرُهُ هَذَا: أَيْ قَوْلُ اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَحَقُّ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ " لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت " خَبَرًا وَأَحَقُّ مُبْتَدَأً، لِأَنَّهُ مَحْذُوفٌ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، فَجَعَلْنَاهُ جُمْلَةً اسْتِئْنَافِيَّةً، إذَا حُذِفَ تَمَّ الْكَلَامُ مِنْ دُونِ ذِكْرِهِ.
وَفِي الشَّرْحِ جَعَلَ " أَحَقُّ " مُبْتَدَأً، وَخَبَرُهُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ؛ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ مَعْنَاهُ: أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ قَوْلُهُ: لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت إلَى آخِرِهِ؛ وَقَوْلُهُ: " وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ " اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ: قَالَ: أَوْ يَكُونُ قَوْلُهُ " أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ " خَبَرًا لِمَا قَبْلَهُ أَيْ قَوْلُهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ إلَى آخِرِهِ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ؛ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ: لِمَا فِيهِ مِنْ كَمَالِ التَّفْوِيضِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالِاعْتِرَافِ بِكَمَالِ قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَقَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَانْفِرَادِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَتَدْبِيرِ مَخْلُوقَاتِهِ؛ انْتَهَى [مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ] ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ «اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ هَذَا الذِّكْرِ فِي هَذَا الرُّكْنِ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَقَدْ جَعَلَ الْحَمْدَ كَالْأَجْسَامِ، وَجَعَلَهُ سَادًّا لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الظُّرُوفِ مُبَالَغَةً فِي كَثْرَةِ الْحَمْدِ، وَزَادَ مُبَالَغَةً بِذِكْرِ مَا يَشَاؤُهُ تَعَالَى مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ الْعَبْدُ. وَالثَّنَاءُ الْوَصْفُ بِالْجَمِيلِ، وَالْمَدِيحُ وَالْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَنِهَايَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute