بَابُ الْإِحْرَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
٦٧٩ - عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
قَارِنًا وَاسِعَةٌ جِدًّا وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْأَفْضَلِ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَجِّ وَالْأَدِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهَا الْقِرَانُ وَقَدْ اسْتَوْفَى أَدِلَّةَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ.
(بَابُ الْإِحْرَامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) الْإِحْرَامُ الدُّخُولُ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ وَالتَّشَاغُلُ بِأَعْمَالِهِ بِالنِّيَّةِ.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ» أَيْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) هَذَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْرَمَ مِنْ الْبَيْدَاءِ فَإِنَّهُ قَالَ: «بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ الَّتِي تَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَهَلَّ مِنْهَا مَا أَهَلَّ» الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ الشَّجَرَةِ حِينَ قَامَ بِهِ بَعِيرُهُ» وَالشَّجَرَةُ كَانَتْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ إذَا اسْتَوَتْ بِهِ النَّاقَةُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ».
وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ حَدِيثِ الْإِهْلَالِ بِالْبَيْدَاءِ وَالْإِهْلَالِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَهَلَّ مِنْهُمَا وَكُلُّ مَنْ رَوَى أَنَّهُ أَهَلَّ بِكَذَا فَهُوَ رَاوٍ لِمَا سَمِعَهُ مِنْ إهْلَالِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا صَلَّى فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْهُمَا» فَسَمِعَ قَوْمٌ فَحَفِظُوهُ فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى فَسَمِعُوهُ حِينَ ذَاكَ فَقَالُوا: إنَّمَا أَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ ثُمَّ مَضَى فَلَمَّا عَلَا شَرَفُ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوهُ فَنَقَلَ كَمَا سَمِعَ الْحَدِيثَ، وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ لَا قَبْلَهُ.
فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ أَنَّهُ مُحْرِمٌ وَهَلْ يُكْرَهُ قِيلَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابَةِ «وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ الْحُلَيْفَةَ» يَقْضِي بِالْإِهْلَالِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ وَيَقْضِي بِنَفْيِ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مُحَرَّمَةً فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهَا أَفْضَلَ وَلَوْلَا مَا قِيلَ مِنْ الْإِجْمَاعِ بِجَوَازِ ذَلِكَ لَقُلْنَا بِتَحْرِيمِهِ؛ لِأَدِلَّةِ التَّوْقِيتِ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ الْمَشْرُوعَاتِ كَأَعْدَادِ الصَّلَاةِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ لَا تُشَرَّعُ كَالنَّقْصِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute