للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠٥ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ارْتَحَلَ فِي سَفَرِهِ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ فِي الْأَرْبَعِينَ: بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: صَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ ثُمَّ رَكِبَ. وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِ مُسْلِمٍ: «كَانَ إذَا كَانَ فِي سَفَرٍ، فَزَالَتْ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ ارْتَحَلَ»

دَخَلَ الْبَلَدَ عَازِمًا عَلَى الْإِقَامَةِ فِيهَا، وَأَمَّا مَنْ تَرَدَّدَ فِي الْإِقَامَةِ، وَلَمْ يَعْزِمْ فَفِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا.

فَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ يَقْصُرُ إلَى شَهْرٍ لِقَوْلِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " إنَّهُ مَنْ يَقُولُ الْيَوْمَ أَخْرُجُ غَدًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ شَهْرًا " وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَقَالَ بِهِ الْإِمَامُ يَحْيَى إنَّهُ يَقْصُرُ أَبَدًا إذْ الْأَصْلُ السَّفَرُ وَلِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّهُ أَقَامَ بِأَذَرْبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ أَقَامَ بِنَيْسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَقَامُوا بِرَامَهُرْمُزَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ ذَلِكَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَسَبْعَةَ عَشَرَ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى حَسَبِ مَا وَرَدَتْ الرِّوَايَاتُ فِي مُدَّةِ إقَامَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَكَّةَ وَتَبُوكَ، وَأَنَّهُ بَعْدَمَا يُجَاوِزُ مُدَّةَ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُتِمُّ صَلَاتَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَصَرَ فِيهَا عَلَى نَفْيِ الْقَصْرِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَزَالُ يَقْصُرُ كَمَا فَعَلَهُ الصَّحَابَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بِالْبَقَاءِ مَعَ التَّرَدُّدِ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْإِقَامَةِ وَالرَّحِيلِ مُقِيمًا، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ بِتَبُوكَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ لِلصَّلَاةِ» ثُمَّ قَالَ تَفَرَّدَ بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عُمَارَةَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ.

وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا ارْتَحَلَ فِي سَفَرِهِ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَيْ قَبْلَ الزَّوَالِ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ» أَيْ وَحْدَهُ، وَلَا يَضُمُّ إلَيْهِ الْعَصْرَ (ثُمَّ رَكِبَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلْمُسَافِرِ تَأْخِيرًا وَدَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا تَقْدِيمًا لِقَوْلِهِ " صَلَّى الظُّهْرَ " إذْ لَوْ جَازَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ لَضَمَّ إلَيْهِ الْعَصْرَ، وَهَذَا الْفِعْلُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخَصِّصُ أَحَادِيثَ التَّوْقِيتِ الَّتِي مَضَتْ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ إلَى جَوَازِ الْجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي التَّأْخِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>