للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[باب إزالة النجاسة وبيانها]

٢٢ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْخَمْرِ: تُتَّخَذُ خَلًّا؟ قَالَ: لَا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

قَدَحَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَكَانَ قَدْ انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ». وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ ": (لَا تُغَيِّرَنَّ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَرَكَهُ) هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.

وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ عَائِدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إلَى أَنَسٍ كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ، إلَّا أَنَّ آخِرَ الْحَدِيثِ يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ، وَأَنَّ الْقَدَحَ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قُلْت: وَالسِّلْسِلَةُ غَيْرُ الْحَلْقَةِ الَّتِي أَرَادَ " أَنَسٌ " تَغْيِيرَهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: فَسَلْسَلَهُ، هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ حُجَّةٌ لِمَا ذَكَرَهُ.

(أَيْ بَيَانُ النَّجَاسَةِ وَمُطَهِّرَاتِهَا).

[عَنْ " أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْخَمْرِ أَيْ بَعْدَ تَحْرِيمِهَا تُتَّخَذُ خَلًّا، فَقَالَ: لَا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ

، فَسَّرَ الِاتِّخَاذَ بِالْعِلَاجِ لَهَا، وَقَدْ صَارَتْ خَمْرًا، وَمِثْلُهُ حَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ، فَإِنَّهَا «لَمَّا حُرِّمَتْ الْخَمْرُ سَأَلَ أَبُو طَلْحَةَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ خَمْرٍ عِنْدَهُ لِأَيْتَامٍ هَلْ يُخَلِّلُهَا؟ فَأَمَرَهُ بِإِرَاقَتِهَا» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَالْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ هُوَ رَأْيُ الْهَادَوِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ، لِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ خَلَّلَهَا لَمْ تَحِلَّ، وَلَمْ تَطْهُرْ، وَظَاهِرُهُ بِأَيِّ عِلَاجٍ كَانَ، وَلَوْ بِنَقْلِهَا مِنْ الظِّلِّ إلَى الشَّمْسِ أَوْ عَكْسُهُ؛ وَقِيلَ: تَطْهُرُ وَتَحِلُّ.

وَأَمَّا إذَا تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا مِنْ دُونِ عِلَاجٍ فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ حَلَالٌ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ إنَّهَا لَا تَطْهُرُ وَإِنْ تَخَلَّلَتْ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي خَلِّ الْخَمْرِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ:

(الْأَوَّلُ): أَنَّهَا إذَا تَخَلَّلَتْ الْخَمْرُ بِغَيْرِ قَصْدٍ حَلَّ خَلُّهَا، وَإِذَا خُلِّلَتْ بِالْقَصْدِ حَرُمَ خَلُّهَا.

(الثَّانِي): يَحْرُمُ كُلُّ خَلٍّ تَوَلَّدَ عَنْ خَمْرٍ مُطْلَقًا.

(الثَّالِثُ): أَنَّ الْخَلَّ حَلَالٌ مَعَ تَوَلُّدِهِ مِنْ الْخَمْرِ سَوَاءٌ قُصِدَ أَمْ لَا، إلَّا أَنَّ فَاعِلَهَا آثِمٌ إنْ تَرَكَهَا بَعْدَ أَنْ صَارَتْ خَمْرًا، عَاصٍ لِلَّهِ، مَجْرُوحُ الْعَدَالَةِ، لِعَدَمِ إرَاقَتِهِ لَهَا حَالَ خَمْرِيَّتِهَا، فَإِنَّهُ وَاجِبٌ كَمَا دَلَّ لَهُ حَدِيثُ أَبِي طَلْحَةَ. لَكِنْ قَالَ فِي الشَّرْحِ: يَحِلُّ الْخَلُّ الْكَائِنُ عَنْ الْخَمْرَةِ فَإِنَّهُ خَلٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>