٧٤٦ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَعَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ.
الْمُرَادُ قَالَ سَمِعْت عَلِيًّا يَقُولُ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَنْ لَا يُبَعْنَ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُبَعْنَ - الْحَدِيثَ، وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ، وَأَجَابَ فِي الشَّرْحِ عَنْ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَأَنَّ مَا ذُكِرَ نَاسِخٌ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى التَّقْرِيرِ وَمَا ذُكِرَ قَوْلٌ وَعِنْدَ التَّعَارُضِ الْقَوْلُ أَرْجَحُ قُلْت: وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا الْجَوَابِ لِأَنَّهُ لَا نَسْخَ بِالِاحْتِمَالِ فَلِلْقَائِلِ بِجَوَازِ بَيْعِهَا أَنْ يَقْلِبَ الِاسْتِدْلَالَ وَيَقُولَ يُحْتَمَلُ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ كَانَ أَوَّلَ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَإِنْ كَانَ احْتِمَالًا بَعِيدًا ثُمَّ قَوْلُهُ إنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ رَاجِعٌ إلَى التَّقْرِيرِ وَحَدِيثَ ابْنٍ عُمَرَ قَوْلٌ وَالْقَوْلُ أَرْجَحُ عِنْدَ التَّعَارُضِ يُقَالُ عَلَيْهِ: الْقَوْلُ لَمْ يَصِحَّ رَفْعُهُ بَلْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّ رَفْعَهُ وَهْمٌ وَلَيْسَ فِي مَنْعِ بَيْعِهَا إلَّا رَأْيُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا غَيْرُ، وَمَنْ شَاوَرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَيْسَ بِإِجْمَاعٍ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ لَمَا احْتَاجَ عُمَرُ وَالصَّحَابَةُ إلَى الرَّأْيِ.
(وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ وَعَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ) وَأَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ إيَاسِ بْنِ عَبْدٍ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْقُشَيْرِيُّ: هُوَ عَلَى شَرْطِهِمَا.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فَضَلَ مِنْ الْمَاءِ عَنْ كِفَايَةِ صَاحِبِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَنْبُعَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ فَيُسْقَى الْأَعْلَى ثُمَّ يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ، وَكَذَا إذَا اتَّخَذَ حُفْرَةً فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ يَجْمَعُ فِيهَا الْمَاءَ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَيَسْقِي مِنْهُ وَيَسْقِي أَرْضَهُ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَا فَضَلَ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ مَا فَضَلَ عَنْ كِفَايَتِهِ لِشُرْبٍ أَوْ طُهُورٍ أَوْ سَقْيِ زَرْعٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْعُمُومِ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ وَقَالَ: إنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَخْذِ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي ذَلِكَ وَلَا يَمْنَعُهُ اسْتِعْمَالُ مِلْكِ الْغَيْرِ وَقَالَ: إنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ عَلَى جَوَازِ الرَّعْيِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مُبَاحَةٍ لِلرَّاعِي وَإِلَى مِثْلِهِ ذَهَبَ الْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ وَالْإِمَامُ يَحْيَى فِي الْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الدُّخُولِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَنْعُهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ دُخُولُهُ عَلَى الْإِذْنِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ فِي الدَّارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute