بَابُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ
١٣٤٤ - عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: فَاحْتَاجَ. وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ: وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَبَاعَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَعْطَاهُ، وَقَالَ " اقْضِ دَيْنَك ".
تُخَالِطُ اللُّحْمَةُ سُدَى الثَّوْبِ حَتَّى يَصِيرَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ النِّهَايَةِ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَلَا هِبَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ كَالنَّسَبِ لَا يَتَأَتَّى انْتِقَالُهُ كَالْأُبُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ لَا يَتَأَتَّى انْتِقَالُهُمَا وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَنْقُلُونَ الْوَلَاءَ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ فَنَهَى الشَّرْعُ عَنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَرُوِيَ عَنْ السَّلَفِ جَوَازُ بَيْعِهِ وَعَنْ آخَرِينَ مِنْهُمْ جَوَازُ هِبَتِهِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى الْحَدِيثِ أَوْ حَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى التَّنْزِيهِ وَهُوَ خِلَافُ أَصْلِهِ.
(بَابُ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ) الْمُدَبَّرُ اسْمُ مَفْعُولٍ وَهُوَ الرَّقِيقُ الَّذِي عُلِّقَ عِتْقُهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالِكَهُ دَبَّرَ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ أَمَّا دُنْيَاهُ فَاسْتِمْرَارُ انْتِفَاعِهِ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَأَمَّا آخِرَتُهُ فَتَحْصِيلُ ثَوَابِ الْعِتْقِ وَالْمُكَاتَبُ اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْضًا هُوَ مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ وَحَقِيقَةُ الْكِتَابَةِ تَعْلِيقُ عِتْقِ الْمَمْلُوكِ عَلَى أَدَائِهِ مَالًا أَوْ نَحْوَهُ مِنْ مَالِكٍ أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ الْبَيْعِ.
(عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا) اسْمُهُ مِذْكَارٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ أَوْ اسْمُهُ أَبُو مِذْكَارٍ وَاسْمُ غُلَامِهِ أَبُو يَعْقُوبَ (مِنْ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ) اسْمُهُ يَعْقُوبُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا (عَنْ دُبُرٍ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِهَا «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ فَاحْتَاجَ. وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ) أَيْ عَنْ جَابِرٍ «وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَبَاعَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ وَقَالَ اقْضِ دَيْنَك»
) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّدْبِيرِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِنْ الثُّلُثِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالظَّاهِرِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِقِيَاسِهِ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِجَامِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute