٥١٤ - وَعَنْهُ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَيُقَدِّمُهُ فِي اللَّحْدِ وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِيَلِهِ أَقْرَبُكُمْ إنْ كَانَ يَعْلَمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ فَمَنْ تَرَوْنَ عِنْدَهُ حَظًّا مِنْ وَرَعٍ وَأَمَانَةٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ «إنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَبَضَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَغَسَّلُوهُ وَكَفَّنُوهُ وَحَنَّطُوهُ وَحَفَرُوا لَهُ وَأَلْحَدُوهُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ وَدَخَلُوا قَبْرَهُ وَوَضَعُوا عَلَيْهِ اللَّبِنَ ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ الْقَبْرِ ثُمَّ حَثَوْا عَلَيْهِ التُّرَابَ ثُمَّ قَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذَا سُنَّتُكُمْ».
(وَعَنْهُ) أَيْ عَنْ جَابِرٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَيُقَدِّمُهُ فِي اللَّحْدِ» سُمِّيَ لَحْدًا؛ لِأَنَّهُ شِقٌّ يُعْمَلُ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ فَيَمِيلُ عَنْ وَسَطِهِ، وَالْإِلْحَادُ لُغَةً الْمَيْلُ (وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ)
دَلَّ عَلَى أَحْكَامٍ:
(الْأَوَّلُ): أَنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ الْمَيِّتَيْنِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ. (وَالثَّانِي): أَنَّ الْمُرَادَ يَقْطَعُهُ بَيْنَهُمَا وَيُكَفَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِيَالِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ بَلْ قِيلَ: إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ أَحَدٌ فَإِنَّهُ فِيهِ الْتِقَاءُ بَشَرَتَيْ الْمَيِّتَيْنِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ جَابِرٍ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ «فَكُفِّنَ أَبِي وَعَمِّي فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ» دَلِيلٌ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ: الظَّاهِرُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي كَمَا فَعَلَ فِي حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قُلْت): حَدِيثُ جَابِرٍ أَوْضَحُ فِي عَدَمِ تَقْطِيعِ الثَّوْبِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ أَحَدُ الْجَائِزَيْنِ وَالتَّقْطِيعُ جَائِزٌ عَلَى الْأَصْلِ
(الْحُكْمُ الثَّانِي): أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِهِ لِفَضِيلَةِ الْقُرْآنِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ سَائِرُ جِهَاتِ الْفَضْلِ إذَا جُمِعُوا فِي اللَّحْدِ
(الْحُكْمُ الثَّالِثُ): جَمْعُ جَمَاعَةٍ فِي قَبْرٍ وَكَأَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ بَابَ (دَفْنُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي قَبْرٍ) وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ هَذَا وَإِنْ كَانَتْ رِوَايَةُ جَابِرٍ فِي الرَّجُلَيْنِ فَقَدْ وَقَعَ ذِكْرُ الثَّلَاثَةِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ كَانَ يَدْفِنُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute