١٢٧ - وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد «وَلْتَجْلِسْ فِي مِرْكَنٍ فَإِذَا رَأَتْ صُفْرَةً فَوْقَ الْمَاءِ فَلْتَغْتَسِلْ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، غُسْلًا وَاحِدًا، وَتَغْتَسِلْ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ غُسْلًا وَاحِدًا. وَتَغْتَسِلْ لِلْفَجْرِ غُسْلًا وَاحِدًا. وَتَتَوَضَّأْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ».
بِإِتْيَانِهِ فِي وَقْتِ عَادَتِهَا إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً، وَعَلِمَتْ بِعَادَتِهَا، فَفَاطِمَةُ هَذِهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا كَانَتْ مُعْتَادَةً، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: [فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُك] أَيْ بِالْعَادَةِ، أَوْ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ، فَيُرَادُ بِإِقْبَالِ حَيْضَتِهَا بِالصِّفَةِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْمُعَرَّفَيْنِ فِي حَقِّهَا، وَحَقِّ غَيْرِهَا هَذَا وَلِلْمُسْتَحَاضَةِ أَحْكَامٌ خَمْسَةٌ قَدْ سَلَفَتْ إشَارَةً إلَى الْوَعْدِ بِهَا، مِنْهَا: جَوَازُ وَطْئِهَا فِي حَالِ جَرَيَانِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهَا كَالطَّاهِرِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَذَا فِي الْجِمَاعِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ إلَّا عَنْ دَلِيلٍ، وَلَمْ يَأْتِ دَلِيلٌ بِتَحْرِيمِ جِمَاعِهَا قَالَ " ابْنُ عَبَّاسٍ " " الْمُسْتَحَاضَةُ يَأْتِيهَا زَوْجُهَا إذَا صَلَّتْ؛ الصَّلَاةُ أَعْظَمُ "؛ يُرِيدُ إذَا جَازَتْ لَهَا الصَّلَاةُ وَدَمُهَا جَارٍ، وَهِيَ أَعْظَمُ مَا يُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ جَازَ جِمَاعُهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، فَتَغْسِلُ فَرْجَهَا قَبْلَ الْوُضُوءِ، وَقَبْلَ التَّيَمُّمِ، وَتَحْشُو فَرْجَهَا بِقُطْنَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ دَفْعًا لِلنَّجَاسَةِ وَتَقْلِيلًا لَهَا، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ الدَّمُ بِذَلِكَ شَدَّتْ مَعَ ذَلِكَ عَلَى فَرْجِهَا وَتَلَجَّمَتْ وَاسْتَثْفَرَتْ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا هُوَ الْأَوْلَى تَقْلِيلًا لِلنَّجَاسَةِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ، ثُمَّ تَتَوَضَّأُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الْوُضُوءُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، إذْ طَهَارَتُهَا ضَرُورِيَّةٌ، فَلَيْسَ لَهَا تَقْدِيمُهَا قَبْلَ وَقْتِ الْحَاجَةِ.
وَفِي حَدِيثِ " أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْس بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ فَسِينٍ مُهْمَلَةٍ هِيَ امْرَأَةُ جَعْفَرٍ " "، هَاجَرَتْ مَعَهُ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ أَوْلَادًا مِنْهُمْ " عَبْدُ اللَّهِ "، ثُمَّ لَمَّا قُتِلَ " جَعْفَرٌ " تَزَوَّجَهَا " أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ "؛ فَوَلَدَتْ لَهُ " مُحَمَّدًا "، وَلَمَّا مَاتَ " أَبُو بَكْرٍ " تَزَوَّجَهَا " عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَوَلَدَتْ لَهُ " يَحْيَى ".
عِنْدَ " أَبِي دَاوُد ": [وَلْتَجْلِسْ] هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ فِي الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا سَاقَ شَطْرَ حَدِيثِ " أَسْمَاءَ " لَكِنْ فِي لَفْظِ أَبِي دَاوُد عَنْهَا هَكَذَا: [سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا مِنْ الشَّيْطَانِ لِتَجْلِسْ] إلَى آخِرِهِ بِدُونِ وَاوٍ، وَفِي نُسْخَةٍ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ [فِي مِرْكَنٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ: الْإِجَّانَةُ الَّتِي تُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ [فَإِذَا رَأَتْ صُفْرَةً فَوْقَ الْمَاءِ] الَّذِي تَقْعُدُ فِيهِ؛ فَتَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، فَإِنَّهَا تَظْهَرُ الصُّفْرَةُ فَوْقَ الْمَاءِ «فَلْتَغْسِلْ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غُسْلًا وَاحِدًا، وَتَغْتَسِلْ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ غُسْلًا وَاحِدًا، وَتَغْتَسِلْ لِلْفَجْرِ غُسْلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute