بَابُ الشَّهَادَاتِ
١٣١٤ - عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ؟ هُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
لَك مِنْ شَاهِدَيْنِ فَدَعَا قَنْبَرًا وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فَشَهِدَا إنَّهَا لَدِرْعُهُ. فَقَالَ شُرَيْحٌ أَمَّا شَهَادَةُ مَوْلَاك فَقَدْ أَجَزْنَاهَا. وَأَمَّا شَهَادَةُ ابْنِك فَلَا نُجِيزُهَا فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ثَكِلَتْكَ أُمُّك أَمَا سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ: أَفَلَا تُجِيزُ شَهَادَةَ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ ثُمَّ قَالَ لِلْيَهُودِيِّ: خُذْ الدِّرْعَ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ جَاءَ مَعِي إلَى قَاضِي الْمُسْلِمِينَ فَقَضَى لِي، وَرَضِيَ. صَدَقْت وَاَللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهَا لَدِرْعُك سَقَطَتْ عَنْ جَمَلٍ لَك الْتَقَطْتهَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَوَهَبَهَا لَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَجَازَهُ بِتِسْعِمِائَةٍ وَقُتِلَ مَعَهُ يَوْمَ صِفِّينَ: اهـ ". وَقَوْلُ شُرَيْحٍ: وَاَللَّهِ إنَّهَا لَدِرْعُك كَأَنَّهُ عَرَفَهَا، وَيَعْلَمُ أَنَّهَا دِرْعُهُ لَكِنَّهُ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَرَى شَهَادَةَ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ، فَانْظُرْ مَا أَبْرَكَ الْعَمَلَ بِالْحَقِّ مِنْ الْحَاكِمِ وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَمَا آلَ إلَيْهِ مِنْ الْخَيْرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
(بَابُ الشَّهَادَاتِ) الشَّهَادَةُ مَصْدَرُ شَهِدَ - جَمْعٌ لِإِرَادَةِ الْأَنْوَاعِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الشَّهَادَةُ خَبَرٌ قَاطِعٌ وَالشَّاهِدُ حَامِلُ الشَّهَادَةِ وَمُؤَدِّيهَا؛ لِأَنَّهُ مُشَاهِدٌ لِمَا غَابَ عَنْ غَيْرِهِ. وَقِيلَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْإِعْلَامِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} أَيْ عَلِمَ.
(عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " قَالَ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ؟ الَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ) دَلَّ عَلَى أَنَّ خَيْرَ الشُّهَدَاءِ مَنْ يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ لِمَا هِيَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ إلَّا أَنَّهُ يُعَارِضُهُ الْحَدِيثُ الثَّانِي وَهُوَ حَدِيثُ عِمْرَانَ وَفِيهِ «ثُمَّ يَكُونُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ» فِي سِيَاقِ الذَّمِّ لَهُمْ. وَلَمَّا تَعَارَضَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِحَدِيثِ زَيْدٍ إذَا كَانَ عِنْدَ الشَّاهِدِ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ لَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُ الْحَقِّ فَيَأْتِي إلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ بِهَا أَوْ يَمُوتُ صَاحِبُهَا فَيَخْلُفُ وَرَثَةً فَيَأْتِي إلَيْهِمْ فَيُخْبِرُهُمْ بِأَنَّهُ عِنْدَهُ لَهُمْ شَهَادَةٌ، وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ وَهُوَ جَوَابُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ شَيْخِ مَالِكٍ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَهِيَ مَا لَا تَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ مَحْضًا وَيَدْخُلُ فِي الْحِسْبَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَا فِيهِ شَائِبَةٌ مِنْهُ كَالصَّلَاةِ وَالْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ الْعَامَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute