١٨١ - وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلُهُ
وَعَنْ " أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فِيهِ شَرْعِيَّةُ الْقَوْلِ لِمَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ؛ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ مِنْ طَهَارَةٍ وَغَيْرِهَا، وَلَوْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا؛ إلَّا حَالَ الْجِمَاعِ، وَحَالَ التَّخَلِّي، لِكَرَاهَةِ الذِّكْرِ فِيهِمَا.
وَأَمَّا إذَا كَانَ السَّامِعُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِجَابَةَ إلَى بَعْدِ خُرُوجِهِ مِنْهَا؛ وَالْأَمْرُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى السَّامِعِ لَا عَلَى مَنْ رَآهُ فَوْقَ الْمَنَارَةِ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ أَوْ كَانَ أَصَمَّ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْإِجَابَةِ فَقَالَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَآخَرُونَ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يَجِبُ، وَاسْتَدَلُّوا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ مُؤَذِّنًا فَلَمَّا كَبَّرَ قَالَ: عَلَى الْفِطْرَةِ، فَلَمَّا تَشَهَّدَ، قَالَ: خَرَجْت مِنْ النَّارِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
قَالُوا: فَلَوْ كَانَتْ الْإِجَابَةُ وَاجِبَةً لَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ، فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي حَدِيثِ " أَبِي سَعِيدٍ " لِلِاسْتِحْبَابِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الرَّاوِي مَا يَدُلُّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ، كَمَا قَالَ فَيَجُوزُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ، وَلَمْ يَنْقُلْهُ الرَّاوِي اكْتِفَاءً بِالْعَادَةِ، وَنَقَلَ الزَّائِدَ، وَقَوْلُهُ: " مِثْلَ مَا يَقُولُ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُ كُلَّ كَلِمَةٍ يَسْمَعُهَا فَيَقُولُ مِثْلَهَا. وَقَدْ رَوَتْ " أُمُّ سَلَمَةَ " «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ يَقُولُ كَمَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى يَسْكُتَ» أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ، فَلَوْ لَمْ يُجَاوِبْهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْأَذَانِ اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّدَارُكُ إنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ " فِي النِّدَاءِ " أَنَّهُ يُجِيبُ كُلَّ مُؤَذِّنٍ أَذَّنَ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَإِجَابَةُ الْأَوَّلِ أَفْضَلُ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: إلَّا فِي الْفَجْرِ وَالْجُمُعَةِ فَهُمَا سَوَاءٌ،؛ لِأَنَّهُمَا مَشْرُوعَانِ.
قُلْت: يُرِيدُ الْأَذَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَالْأَذَانَ قَبْلَ حُضُورِ الْجُمُعَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي قَبْلَ الْفَجْرِ قَدْ صَحَّتْ مَشْرُوعِيَّتُهُ، وَسَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذَانًا فِي قَوْلِهِ: «إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ» فَيَدْخُلُ تَحْتَ حَدِيثِ " أَبِي سَعِيدٍ ".
وَأَمَّا الْأَذَانُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ مُحْدَثٌ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يُسَمَّى أَذَانًا شَرْعِيًّا.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ كَالْمُؤَذِّنِ؛ لِأَنَّ رَفْعَهُ لِصَوْتِهِ لِقَصْدِ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْمُجِيبِ، وَلَا يَكْفِي إمْرَارُهُ الْإِجَابَةَ عَلَى خَاطِرِهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَوْلٍ، وَظَاهِرُ حَدِيثِ " أَبِي سَعِيدٍ " وَالْحَدِيثِ الْآتِي وَهُوَ
١٨١ - وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلُهُ. [وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ مِثْلُهُ] أَيْ مِثْلُ حَدِيثِ " أَبِي سَعِيدٍ "، أَنَّ السَّامِعَ يَقُولُ كَقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ فِي جَمِيعِ أَلْفَاظِهِ إلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ، فَيَقُولُ مَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ