للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٢٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى. فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

لَا بَأْسَ أَنْ يُعْلِمَ الرَّجُلُ قَرَابَتَهُ وَإِخْوَانَهُ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعْلِمَ الرَّجُلُ قَرَابَتَهُ انْتَهَى.

وَقِيلَ: الْمُحَرَّمُ مَا كَانَتْ تَفْعَلُهُ الْجَاهِلِيَّةُ كَانُوا يُرْسِلُونَ مَنْ يُعْلِمُ بِخَبَرِ مَوْتِ الْمَيِّتِ عَلَى أَبْوَابِ الدُّورِ وَالْأَسْوَاقِ.

وَفِي النِّهَايَةِ: وَالْمَشْهُورُ فِي الْعَرَبِ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا مَاتَ فِيهِمْ شَرِيفٌ أَوْ قُتِلَ بَعَثُوا رَاكِبًا إلَى الْقَبَائِلِ يَنْعَاهُ إلَيْهِمْ يَقُولُ نُعَاءُ فُلَانًا أَوْ يَا نُعَاءَ الْعَرَبِ هَلَكَ فُلَانٌ أَوْ هَلَكَتْ الْعَرَبُ بِمَوْتِ فُلَانٍ انْتَهَى.

وَيَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ (قُلْت) وَمِنْهُ النَّعْيُ مِنْ أَعْلَى الْمَنَارَاتِ كَمَا يُعْرَفُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فِي مَوْتِ الْعُظَمَاءِ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يُؤْخَذُ مِنْ مَجْمُوعِ الْأَحَادِيثِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ: (الْأُولَى): إعْلَامُ الْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ وَأَهْلِ الصَّلَاحِ فَهَذِهِ سُنَّةٌ.

الثَّانِيَةُ: دَعْوَى الْجَمْعِ الْكَثِيرِ لِلْمُفَاخَرَةِ فَهَذِهِ تُكْرَهُ.

(الثَّالِثَةُ): إعْلَامٌ بِنَوْعٍ آخَرَ كَالنِّيَاحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا يَحْرُمُ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ أَخَذَ سُنِّيَّةَ الْأُولَى مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَمَاعَةٍ يُخَاطَبُونَ بِالْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَلَا آذَنْتُمُونِي وَنَحْوُهُ " وَمِنْهُ.

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَعَى النَّجَاشِيَّ» بِفَتْحِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ بَعْدَ الْأَلِفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ مُشَدَّدَةٌ وَقِيلَ: مُخَفَّفَةٌ لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةِ وَاسْمُهُ أَصْحَمَةُ (فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُصَلَّى الْعِيدِ أَوْ مَحَلٌّ اُتُّخِذَ لِصَلَاةِ الْجَنَائِزِ (فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّعْيَ اسْمٌ لِلْإِعْلَامِ بِالْمَوْتِ وَأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ جَائِزٌ.

وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى الْغَائِبِ وَفِيهِ أَقْوَالٌ.

الْأَوَّلُ: تُشْرَعُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ خِلَافُهُ.

وَالثَّانِي: مَنْعُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ لِلْهَادَوِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَمَالِكٍ وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمَيِّتُ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ إلَّا إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ.

الرَّابِعُ: يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَوَجْهُ التَّفْصِيلِ فِي الْقَوْلَيْنِ مَعًا الْجُمُودُ عَلَى قِصَّةِ النَّجَاشِيِّ.

وَقَالَ الْمَانِعُ مُطْلَقًا: إنَّ صَلَاتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّجَاشِيِّ خَاصَّةٌ بِهِ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ وَاعْتَذَرُوا بِمَا قَالَهُ أَهْلُ الْقَوْلِ الْخَامِسِ وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْغَائِبِ إذَا مَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>