. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ) هُمْ الْجُنْدُ أَوْ السَّائِرُونَ إلَى الْحَرْبِ أَوْ غَيْرُهُمْ - فِي نُسْخَةٍ لَا غَيْرِهَا - (أَوْ سَرِيَّةٍ) هِيَ الْقِطْعَةُ مِنْ الْجَيْشِ تَخْرُجُ مِنْهُ تُغِيرُ عَلَى الْعَدُوِّ وَتَرْجِعُ إلَيْهِ «أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَبِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: اُغْزُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ، اُغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا» بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْغُلُولُ الْخِيَانَةُ فِي الْمَغْنَمِ مُطْلَقًا (وَلَا تَغْدِرُوا) الْغَدْرُ ضِدُّ الْوَفَاءِ (وَلَا تُمَثِّلُوا) مِنْ الْمُثْلَةِ، يُقَالُ مَثَّلَ بِالْقَتِيلِ إذَا قَطَعَ أَنْفَهُ أَوْ أُذُنَهُ أَوْ مَذَاكِيرَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ أَطْرَافِهِ (وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا) الْمُرَادُ غَيْرُ الْبَالِغِ سِنَّ التَّكْلِيفِ «وَإِذَا لَقِيت عَدُوَّك مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ» أَيْ إلَى إحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ (فَأَيَّتُهُنَّ أَجَابُوك إلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ) أَيْ الْقِتَالَ وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ «اُدْعُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ ثُمَّ اُدْعُهُمْ إلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا فَأَخْبِرْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ» وَبَيَانُ حُكْمِ أَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ (وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ) الْغَنِيمَةُ مَا أُصِيبَ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ (وَالْفَيْءِ) هُوَ مَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ وَلَا جِهَادٍ (شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا) أَيْ الْإِسْلَامَ (فَاسْأَلْهُمْ الْجِزْيَةَ) وَهِيَ الْخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الثَّلَاثِ (فَإِنْ هُمْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِمْ بِاَللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ) وَهَذِهِ الْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ «وَإِذَا حَاصَرْت أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوك أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَفْعَلْ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَك» عَلَّلَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِ (فَإِنَّكُمْ إنْ تُخْفِرُوا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَالرَّاءِ مِنْ أَخْفَرْتُ الرَّجُلَ إذَا نَقَضْت عَهْدَهُ وَذِمَامَهُ «ذِمَمَكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ. وَإِذَا أَرَادُوك أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تَفْعَلْ بَلْ عَلَى حُكْمِك» عَلَّلَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِ (فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ) فِي الْحَدِيثِ مَسَائِلُ (الْأُولَى) دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إذَا بَعَثَ الْأَمِيرُ مَنْ يَغْزُو أَوْصَاهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَبِمَنْ يَصْحَبُهُ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ خَيْرًا ثُمَّ يُخْبِرُهُ بِتَحْرِيمِ الْغُلُولِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَتَحْرِيمِ الْغَدْرِ وَتَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ وَتَحْرِيمِ قَتْلِ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ وَهَذِهِ مُحَرَّمَاتٌ بِالْإِجْمَاعِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَدْعُو الْأَمِيرُ الْمُشْرِكِينَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ قِتَالِهِمْ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ لَكِنَّهُ مَعَ بُلُوغِهَا يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَمَا دَلَّ لَهُ إغَارَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَإِلَّا وَجَبَ دُعَاؤُهُمْ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى دُعَائِهِمْ إلَى الْهِجْرَةِ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ وَهُوَ مَشْرُوعٌ نَدْبًا بِدَلِيلِ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ الْإِذْنِ لَهُمْ فِي الْبَقَاءِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ وَالْفَيْءَ لَا يَسْتَحِقُّهُمَا إلَّا الْمُهَاجِرُونَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute