للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٨٧ - وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا. ثُمَّ قَالَ: اُغْزُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ، اُغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيت عَدُوَّك مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ أَجَابُوك إلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ: اُدْعُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، ثُمَّ اُدْعُهُمْ إلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ فَإِنْ أَبَوْا فَأَخْبِرْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْأَلْهُمْ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقَاتِلْهُمْ. وَإِذَا حَاصَرْت أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوا أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَفْعَلْ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَك، فَإِنَّكُمْ إنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ، وَإِذَا أَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلَا تَفْعَلْ، بَلْ عَلَى حُكْمِك فَإِنَّك لَا تَدْرِي: أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

وَالثَّالِثُ يَجِبُ إنْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ وَلَا يَجِبُ إنْ بَلَغَتْهُمْ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعَلَى مَعْنَاهُ تَظَاهَرَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ وَهَذَا أَحَدُهَا وَحَدِيثُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَقَتْلِ ابْنُ أَبِي الْحَقِيقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَادَّعَى فِي الْبَحْرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ دَعْوَةِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ (وَالثَّانِيَةُ) فِي قَوْلِهِ (فَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ) دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ لِأَنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ عَرَبٌ مِنْ خُزَاعَةَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ بِهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ.

وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى عَدَمِ جَوَازِ اسْتِرْقَاقِهِمْ وَلَيْسَ لَهُمْ دَلِيلٌ نَاهِضٌ وَمَنْ طَالَعَ كُتُبَ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي عَلِمَ يَقِينًا اسْتِرْقَاقَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعَرَبِ غَيْرَ الْكِتَابِيِّينَ كَهَوَازِنَ وَبَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَالَ لِأَهْلِ مَكَّة اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ وَفَادَى أَهْلَ بَدْر وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفِدَاءِ وَالْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ لِثُبُوتِهَا فِي غَيْرِ الْعَرَبِ مُطْلَقًا وَقَدْ ثَبَتَ فِيهِمْ وَلَمْ يَصِحَّ تَخْصِيصٌ وَلَا نَسْخٌ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ لَيْسَ عَلَى عَرَبِيٍّ مَلَكٌ وَقَدْ «سَبَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْعَرَبِ» كَمَا وَرَدَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سَبَيَا بَنِي نَاجِيَّةَ وَيَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الْآتِي:.

<<  <  ج: ص:  >  >>