١٢٧٠ - وَعَنْ «عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أُقَسِّمَ لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَا أُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا مِنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ» الْحَدِيثَ فَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: لَا تَتَّقِي إلَّا الْعُيُوبَ الْأَرْبَعَةَ وَمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ حَمَلَ حَدِيثَ أَبِي بُرْدَةَ عَلَى الْعَيْبِ الْيَسِيرِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ بَيِّنٍ وَحَدِيثَ عَلِيٍّ عَلَى الْكَثِيرِ الْبَيِّنِ.
(فَائِدَةٌ) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّضْحِيَةِ مِنْ جَمِيعِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْغَنَمَ فِي الضَّحِيَّةِ أَفْضَلُ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمْرِهِ وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ لِأَنَّهَا الْمُتَيَسِّرَةُ لَهُمْ ثُمَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِغَيْرِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِبَقَرَةِ الْوَحْشِ عَنْ عَشْرَةٍ وَالظَّبْيِ عَنْ وَاحِدٍ مَا رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا قَالَتْ: ضَحَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْخَيْلِ وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ ضَحَّى بِدِيكٍ.
(وَعَنْ «عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أُقَسِّمَ لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ وَلَا أُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا مِنْهَا». مُتَّفِق عَلَيْهِ) «هَذَا فِي بُدْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي سَاقَهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَكَانَتْ مَعَ الَّتِي أَتَى بِهَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الْيَمَنِ مِائَةَ بَدَنَةٍ نَحَرَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، نَحَرَ بِيَدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَنَحَرَ بَقِيَّتَهَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -». وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ. وَالْبُدْنُ تُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ إلَّا أَنَّهَا هُنَا الْإِبِلُ وَهَكَذَا اسْتِعْمَالُهَا فِي الْأَحَادِيثِ وَفِي كُتُبِ الْفِقْهِ فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً. وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْجُلُودِ وَالْجِلَالِ كَمَا يَتَصَدَّقُ بِاللَّحْمِ وَأَنَّهُ لَا يُعْطِي الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا أُجْرَةً لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ؛ وَحُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ حُكْمُ الْهَدْيِ فِي أَنَّهُ لَا يُبَاعُ لَحْمُهَا وَلَا جِلْدُهَا وَلَا يُعْطَى الْجَزَّارُ مِنْهَا شَيْئًا، قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُجْتَهِدِ: الْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي جِلْدِهَا وَشَعْرِهَا مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا يَجُوزُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ يَعْنِي بِالْعُرُوضِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: يَجُوزُ بِكُلِّ شَيْءٍ دَرَاهِمَ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِي الْعُرُوضِ هِيَ مِنْ بَابِ الِانْتِفَاعِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute