كِتَابُ النِّكَاحِ
٩١٠ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ. فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَقَدْ تُؤَوَّلُ بِأَنَّهُ مَعَ التَّفْرِيطِ، الْوَدِيعَةُ قَدْ تَكُونُ بِاللَّفْظِ كَاسْتَوْدَعْتُكَ، وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاسْتِحْفَاظِ، وَيَكْفِي الْقَبُولُ لَفْظًا، وَقَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ لَفْظٍ كَأَنْ يَضَعَ فِي حَانُوتِهِ، وَهُوَ حَاضِرٌ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ غَيْرُ مُصَلٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إظْهَارُ الْكَرَاهَةِ. وَفِي بَابِ الْوَدِيعَةِ تَفَاصِيلُ فِي الْفُرُوعِ كَثِيرَةٌ. قَوْلُهُ (وَبَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ) بَيْنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ (تَقَدَّمَ فِي آخِرِ الزَّكَاةِ) وَهُوَ أَلْيَقُ بِالِاتِّصَالِ بِهِ (وَبَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ يَأْتِي عَقِبَ الْجِهَادِ إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَهُوَ أَوْلَى بِأَنْ يَلِيَ الْجِهَادَ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا لِأَنَّهَا جَرَتْ عَادَةُ كُتُبِ فُرُوعِ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى جَعْلِ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ قُبَيْلَ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَالْمُصَنِّفُ خَالَفَهُمْ فَأَلْحَقَهُمَا بِمَا هُوَ أَلْيَقُ بِهِمَا.
(كِتَابُ النِّكَاحِ) النِّكَاحُ لُغَةً الضَّمُّ وَالتَّدَاخُلُ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْوَطْءِ، وَفِي الْعَقْدِ قِيلَ: مَجَازٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَقِيلَ: إنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ قَالَ إنَّهُ مُشْتَرَكٌ فِيهِمَا، وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعَقْدِ فَقِيلَ: إنَّهُ فِيهِ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَلَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ إلَّا فِي الْعَقْدِ. (عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ» بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ «فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» بِكَسْرِ الْوَاوِ وَالْجِيمِ وَالْمَدِّ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَقَعَ الْخِطَابُ مِنْهُ لِلشَّبَابِ لِأَنَّهُمْ مَظِنَّةُ الشَّهْوَةِ لِلنِّسَاءِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْبَاءَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْجِمَاعُ فَتَقْدِيرُهُ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْجِمَاعَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤْنَةِ النِّكَاحِ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْجِمَاعَ لِعَجْزِهِ عَنْ مُؤْنَتِهِ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ لِدَفْعِ شَهْوَتِهِ، وَيَقْطَعَ شَرَّ مَائِهِ كَمَا يَقْطَعُهُ الْوِجَاءُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ مُدْرِجًا تَفْسِيرَهُ الْوِجَاءَ بِأَنَّهُ الْإِخْصَاءُ، وَقِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute