٢٦٢ - وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ - وَفِي رِوَايَةٍ، لِابْنِ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» -
وَفِي أُخْرَى: لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنُ حِبَّانَ «لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إمَامِكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: لَا تَفْعَلُوا إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا».
وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى حَدِيثَ وَائِلٍ " هَذَا فِي كِتَابِهِ الْأَمَالِي، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ، وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَاة لِكَوْنِهِ فِعْلًا كَثِيرًا.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَأْتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
قَالَ: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرَهُ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: الْإِرْسَالُ، وَصَارَ إلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ.
[وَعَنْ عُبَادَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ دَالٌ مُهْمَلَةٌ. وَهُوَ أَبُو الْوَلِيدِ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بْنِ قَيْسٍ الْخَزْرَجِيُّ الْأَنْصَارِيُّ السُّلَمِيُّ، كَانَ مِنْ نُقَبَاءِ الْأَنْصَارِ، وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَجَّهَهُ عُمَرُ " إلَى الشَّامِ قَاضِيًا وَمُعَلِّمًا، فَأَقَامَ بِحِمْصَ، ثُمَّ انْتَقِلْ إلَى فِلَسْطِينَ وَمَاتَ بِهَا فِي الرَّمْلَةِ، وَقِيلَ: فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
هُوَ دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا الْمُصَلِّي بِالْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ، وَالْمُرَكَّبُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَبِانْتِفَاءِ الْبَعْضِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ نَفْيِ الْكَمَالِ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَعَذُّرِ صِدْقِ نَفْيِ الذَّاتِ، إلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّفْيَ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْإِجْزَاءِ، وَهُوَ كَالنَّفْيِ لِلذَّاتِ فِي الْمَآلِ لِأَنَّ مَا لَا يُجْزِئُ فَلَيْسَ بِصَلَاةٍ شَرْعِيَّةٍ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى إيجَابِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، بَلْ فِي الصَّلَاةِ جُمْلَةً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute