٤٢٧ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
أَنَّهُ قَالَ عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَجَمَعَهُمَا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ " وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ الْأَصْلُ فِي يَوْمِهَا، وَالظُّهْرَ بَدَلٌ فَهُوَ يَقْتَضِي صِحَّةَ هَذَا الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ وُجُوبُ الْأَصْلِ مَعَ إمْكَانِ أَدَائِهِ سَقَطَ الْبَدَلُ.
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَيْضًا حَيْثُ رَخَّصَ لَهُمْ فِي الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ مَعَ تَقْدِيرِ إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ لِلظُّهْرِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَأَيَّدَ الشَّارِحُ مَذْهَبَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
(قُلْت): وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَطَاءً أَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَصٍّ قَاطِعٍ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ فَالْجَزْمُ بِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الزُّبَيْرِ سُقُوطُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ يَكُونُ عِيدًا عَلَى مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ فِي مَنْزِلِهِ بَلْ فِي قَوْلِ عَطَاءٍ إنَّهُمْ صَلَّوْا وُحْدَانًا أَيْ الظُّهْرَ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِسُقُوطِهِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ مُرَادَهُ صَلَّوْا الْجُمُعَةَ وُحْدَانًا فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا جَمَاعَةً إجْمَاعًا ثُمَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، وَالظُّهْرُ بَدَلٌ عَنْهَا قَوْلٌ مَرْجُوحٌ بَلْ الظُّهْرُ هُوَ الْفَرْضُ الْأَصْلِيُّ الْمَفْرُوضُ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، وَالْجُمُعَةُ مُتَأَخِّرٌ فَرْضُهَا، ثُمَّ إذَا فَاتَتْ وَجَبَ الظُّهْرُ إجْمَاعًا فَهِيَ الْبَدَلُ عَنْهُ.
وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ) الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، وَالْأَمْرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبَ إلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْهُ مَا، وَقَعَ فِي لَفْظِهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الصَّبَّاحِ «مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَالْأَرْبَعُ أَفْضَلُ مِنْ الِاثْنَتَيْنِ؛ لِوُقُوعِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ وَكَثْرَةِ فِعْلِهِ لَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ: «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ سُنَّتَهَا، وَأَمَرَ مَنْ صَلَّاهَا أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهَا أَرْبَعًا» قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إنْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
قُلْت: وَعَلَى هَذَا تَدُلُّ الْأَحَادِيثُ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ «كَانَ إذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ»، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute