للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٥٦ - وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إلَى الْمَقَابِرِ أَنْ يَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ حِينَ قُتِلَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ إينَاسِ أَهْلِ الْمَيِّتِ بِصُنْعِ الطَّعَامِ لَهُمْ لِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ الشُّغْلِ بِالْمَوْتِ وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ " كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ " فَيُحْمَلُ حَدِيثُ جَرِيرٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ صَنْعَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ الطَّعَامَ لِمَنْ يَدْفِنُ مِنْهُمْ وَيَحْضُرُ لَدَيْهِمْ كَمَا هُوَ عُرْفُ بَعْضِ أَهْلِ الْجِهَاتِ وَأَمَّا الْإِحْسَانُ إلَيْهِمْ بِحَمْلِ الطَّعَامِ لَهُمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي أَفَادَهُ حَدِيثُ جَعْفَرٍ:

وَمِمَّا يَحْرُمُ بَعْدَ الْمَوْتِ الْعُقْرُ عِنْدَ الْقَبْرِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا عُقْرَ فِي الْإِسْلَامِ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَقَرَةً أَوْ شَاةً قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْقِرُونَ الْإِبِلَ عَلَى قَبْرِ الرَّجُلِ الْجَوَادِ، يَقُولُونَ: نُجَازِيهِ عَلَى فِعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْقِرُهَا فِي حَيَاتِهِ فَيُطْعِمُهَا الْأَضْيَافَ فَنَحْنُ نَعْقِرُهَا عِنْدَ قَبْرِهِ حَتَّى تَأْكُلَهَا السِّبَاعُ وَالطَّيْرُ فَيَكُونُ مُطْعِمًا بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَا كَانَ يُطْعِمُ فِي حَيَاتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ إذَا عُقِرَتْ رَاحِلَتُهُ عِنْدَ قَبْرِهِ حُشِرَ فِي الْقِيَامَةِ رَاكِبًا وَمَنْ لَمْ يُعْقَرْ عِنْدَهُ حُشِرَ رَاجِلًا وَكَانَ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ مِنْهُمْ بِالْبَعْثِ فَهَذَا فِعْلٌ جَاهِلِيٌّ مُحَرَّمٌ.

(وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ هُوَ الْأَسْلَمِيُّ رُوِيَ عَنْ أَبِيهِ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَجَمَاعَةٍ مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ بُرَيْدَةَ (قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُهُمْ) أَيْ أَصْحَابَهُ (إذَا خَرَجُوا إلَى الْمَقَابِرِ) أَيْ أَنْ يَقُولُوا (السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ) وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَفِيهِ زِيَادَةٌ «وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَّا وَالْمُتَأَخِّرِينَ»

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى شَرْعِيَّةِ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَالسَّلَامِ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنْ الْأَمْوَاتِ وَأَنَّهُ بِلَفْظِ السَّلَامِ عَلَى الْأَحْيَاءِ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ أَنَّ اسْمَ الدَّارِ يَقَعُ عَلَى الْمَقَابِرِ وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ الدَّارَ فِي اللُّغَةِ تَقَعُ عَلَى الرَّبْعِ الْمَسْكُونِ وَعَلَى الْخَرَابِ غَيْرِ الْمَأْهُولِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَشِيئَةِ لِلتَّبَرُّكِ وَامْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>