٨٩٠ - وَعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَلَا الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، وَلَا اللُّقَطَةُ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ، إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
مُطْلَقًا فِي مَكَّةَ، وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ هُنَا مُطْلَقٌ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهَا فِي مَكَّةَ.
(وَعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا لَا يَحِلُّ ذُو نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَلَا الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، وَلَا اللُّقَطَةُ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى تَحْرِيمِ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ، وَذُكِرَ الْحَدِيثُ هُنَا لِقَوْلِهِ «، وَلَا اللُّقَطَةُ مِنْ مَالِ مُعَاهَدٍ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللُّقَطَةَ مِنْ مَالِهِ كَاللُّقَطَةِ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْتِقَاطِهَا مِنْ مَحَلٍّ غَالِبُ أَهْلِهِ أَوْ كُلُّهُمْ ذِمِّيُّونَ، وَإِلَّا فَاللُّقَطَةُ لَا تُعْرَفُ مِنْ مَالِ أَيِّ إنْسَانٍ عِنْدَ الْتِقَاطِهَا. وَقَوْلُهُ: «إلَّا أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهَا» مُؤَوَّلٌ بِالْحَقِيرِ كَمَا سَلَفَ فِي التَّمْرَةِ، وَنَحْوِهَا أَوْ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ صَاحِبِهَا بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِهَا كَمَا سَلَفَ أَيْضًا، وَعُبِّرَ عَنْهُ بِالِاسْتِغْنَاءِ لِأَنَّهُ سَبَبُ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ فِي الْأَغْلَبِ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْهَا لَبَالَغَ فِي طَلَبِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ مَرَّ بِبُسْتَانٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ فَيَأْخُذُ، وَيُغَرَّمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ، وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبُسْتَانِ حَائِطٌ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْ الْفَاكِهَةِ الرَّطْبَةِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ، وَفِي الْأُخْرَى إذَا احْتَاجَ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ، وَعَلَّقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ بِذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يَعْنِي حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «إذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ بِحَائِطٍ فَلْيَأْكُلْ، وَلَا يَتَّخِذْ خُبْنَةً» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَاسْتَغْرَبَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَمْ يَصِحَّ، وَجَاءَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ غَيْرِ قَوِيَّةٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْحَقُّ أَنَّ مَجْمُوعَهَا لَا يَقْصُرُ عَنْ دَرَجَةِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ احْتَجُّوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ بِمَا هُوَ دُونَهَا، وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي كِتَابِي " الْمِنْحَةِ فِيمَا عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى الصِّحَّةِ " اهـ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، وَأَقَاوِيلُ كَثِيرَةٌ قَدْ نَقَلَهَا الشَّارِحُ عَنْ الْمُهَذَّبِ، وَلَمْ يَتَلَخَّصْ الْبَحْثُ لِتَعَارُضِ الْأَحَادِيثِ فِي الْإِبَاحَةِ وَالنَّهْيِ فَلَمْ يَقْوَ نَقْلُ أَحَادِيثِ الْإِبَاحَةِ عَلَى نَقْلِ الْأَصْلِ، وَهُوَ حُرْمَةُ مَالِ الْآدَمِيِّ، وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ أَكَّدَتْ ذَلِكَ الْأَصْلَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute