٧٥ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَأْتِي أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ، فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ فَيُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ، وَلَمْ يُحْدِثْ، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ - وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَحْوُهُ
" وَابْنِ عَبَّاسٍ " " وَابْنِ أَبِي أَوْفَى ": وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَالْهَادَوِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ نَاقِضٌ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ سَائِلًا يَقْطُرُ، أَوْ يَكُونَ قَدْرَ الشَّعِيرَةِ يَسِيلُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ إلَى مَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالنَّاصِرُ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، إنَّ خُرُوجَ الدَّمِ مِنْ الْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ لَيْسَ بِنَاقِضٍ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ " هَذَا، وَمَا أَيَّدَهُ مِنْ الْآثَارِ عَمَّنْ ذَكَرْنَاهُ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ: «لَا وُضُوءَ إلَّا مِنْ رِيحٍ أَوْ سَمَاعٍ»؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّقْضِ، حَتَّى يَقُومَ مَا يَرْفَعُ الْأَصْلَ، وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -[أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَأْتِي أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ» حَالَ كَوْنِهِ فِيهَا [فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ فَيُخَيَّلُ إلَيْهِ] يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَفِيهِ ضَمِيرٌ لِلشَّيْطَانِ، وَأَنَّهُ الَّذِي يُخَيِّلُ، أَيْ يُوقِعُ فِي خَيَالِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ أَحْدَثَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبِهِ «أَنَّهُ أَحْدَثَ وَلَمْ يُحْدِثْ، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا». أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ بَعْدَ الْأَلِفِ رَاءٌ. وَهُوَ: الْحَافِظُ الْعَلَّامَةُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ " الْبَصْرِيُّ، صَاحِبُ الْمُسْنَدِ الْكَبِيرِ، الْمُعَلَّلِ، أَخَذَ عَنْ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَأَثْنَى عَلَيْهِ، لَمْ يَذْكُرْ الذَّهَبِيُّ وِلَادَتَهُ وَلَا وَفَاتَهُ.
وَالْحَدِيثُ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ، وَهُوَ إعْلَانٌ مِنْ الشَّارِعِ بِتَسْلِيطِ الشَّيْطَانِ عَلَى الْعِبَادِ، حَتَّى فِي أَشْرَفِ الْعِبَادَاتِ، لِيُفْسِدَهَا عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُمْ ذَلِكَ، وَلَا يَخْرُجُونَ عَنْ الطَّهَارَةِ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute