٤٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ، مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
الْوَجْهِ بِلَفْظِ: «وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ» وَهُوَ الْمَحْفُوظُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّلْخِيصِ عَنْ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ الَّذِي رَآهُ فِي الرِّوَايَةِ هُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ الْمَحْفُوظُ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا أَنَّهُ الَّذِي فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلَا رَأَيْنَاهُ فِي مُسْلِمٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِلرَّأْسِ هُوَ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ وَحَدِيثُ الْبَيْهَقِيّ هَذَا هُوَ دَلِيلُ أَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ يُؤْخَذُ لِلْأُذُنَيْنِ مَاءٌ جَدِيدٌ، وَهُوَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ.
وَتِلْكَ الْأَحَادِيثُ الَّتِي سَلَفَتْ غَايَةُ مَا فِيهَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ مَاءً جَدِيدًا، وَعَدَمُ الذِّكْرِ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَ الرُّوَاةِ مِنْ الصَّحَابَةِ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً ظَاهِرٌ أَنَّهُ بِمَاءٍ وَاحِدٍ، وَحَدِيثُ: «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ» وَإِنْ كَانَ فِي أَسَانِيدِهِ مَقَالٌ إلَّا أَنَّ كَثْرَةَ طُرُقِهِ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَيَشْهَدُ لَهَا أَحَادِيثُ مَسْحِهِمَا مَعَ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً. وَهِيَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، عَنْ " عَلِيٍّ " " وَابْنِ عَبَّاسٍ "، وَ " وَالرَّبِيعِ "، " وَعُثْمَانَ "، كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ مَسَحَهُمَا مَعَ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَيْ بِمَاءٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ مَرَّةً، إذْ لَوْ كَانَ يُؤْخَذُ لِلْأُذُنَيْنِ مَاءٌ جَدِيدٌ مَا صُدِّقَ أَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُكَرِّرْ مَسْحَهُمَا، وَأَنَّهُ أَخَذَ لَهُمَا مَاءً جَدِيدًا، فَهُوَ احْتِمَالٌ بَعِيدٌ. وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ أَنَّهُ أَخَذَ لَهُمَا مَاءً خِلَافَ الَّذِي مَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ، أَقْرَبُ مَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ بَلَّةٌ تَكْفِي. لِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ. فَأَخَذَ لَهُمَا مَاءً جَدِيدًا.
وَعَنْ " أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: [سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا» بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، جَمْعُ أَغَرَّ أَيْ ذَوِي غُرَّةٍ، وَأَصْلُهَا لَمْعَةٌ بَيْضَاءُ تَكُونُ فِي جَبْهَةِ الْفَرَسِ؛ وَفِي النِّهَايَةِ يُرِيدُ بَيَاضَ وُجُوهِهِمْ بِنُورِ الْوُضُوءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَصَبَهُ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَأْتُونَ، وَعَلَى رِوَايَةِ يُدْعَوْنَ يَحْتَمِلُ الْمَفْعُولِيَّةَ [مُحَجَّلِينَ] بِالْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ مِنْ التَّحْجِيلِ، فِي النِّهَايَةِ أَيْ بِيضِ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْ الْأَيْدِي وَالْأَقْدَامِ. اسْتَعَارَ أَثَرَ الْوُضُوءِ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِلْإِنْسَانِ مِنْ الْبَيَاضِ الَّذِي يَكُونُ فِي وَجْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute