١٠٤٩ - وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَحَسَّنَهُ الْبَزَّارُ.
{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} فِي حَقِّ الْحَرَائِرِ، فَإِنَّ افْتِدَاءَ الْأَمَةِ إلَى سَيِّدِهَا لَا إلَيْهَا وَكَذَا قَوْلُهُ {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} فَجَعَلَ ذَلِكَ إلَى الزَّوْجَيْنِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ. وَفِي الْأَمَةِ ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِسَيِّدِهَا وَكَذَا قَوْلُهُ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَالْأَمَةُ لَا فِعْلَ لَهَا فِي نَفْسِهَا قُلْت لَكِنَّهَا إذَا لَمْ تَدْخُلْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، وَلَا تَثْبُتُ فِيهَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ، وَلَا قِيَاسٌ نَاهِضٌ هُنَا فَمَاذَا يَكُونُ حُكْمُهَا فِي عِدَّتِهَا فَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا زَوْجَةٌ شَرْعًا قَطْعًا، فَإِنَّ الشَّارِعَ قَسَمَ لَنَا مَنْ أُحِلَّ لَنَا وَطْؤُهَا إلَى زَوْجَةٍ، أَوْ مَا مَلَكَتْ الْيَمِينُ فِي قَوْلِهِ {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}، وَهَذِهِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ النِّزَاعِ لَيْسَتْ مِلْكَ يَمِينٍ قَطْعًا فَهِيَ زَوْجَةٌ فَتَشْمَلُهَا الْآيَاتُ وَخُرُوجُهَا عَنْ حُكْمِ الْحَرَائِرِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الِافْتِدَاءِ وَالْعَقْدِ وَالْفِعْلِ بِالْمَعْرُوفِ فِي نَفْسِهَا لَا يُنَافِي دُخُولَهَا فِي حُكْمِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَحْكَامٌ أُخَرُ تَعَلَّقَ الْحَقُّ فِيهَا بِالسَّيِّدِ كَمَا يَتَعَلَّقُ فِي الْحُرَّةِ الصَّغِيرَةِ بِالْوَلِيِّ فَالرَّاجِحُ أَنَّهَا كَالْحُرَّةِ تَطْلِيقًا وَعِدَّةً.
(وَعَنْ رُوَيْفِعِ - تَصْغِيرُ رَافِعٍ - بْنِ ثَابِتٍ) مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ عِدَادُهُ فِي الْمِصْرِيِّينَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ (عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْبَزَّارُ).
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ وَطْءِ الْحَامِلِ مِنْ غَيْرِ الْوَاطِئِ وَذَلِكَ كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَاةِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا مِنْ غَيْرِهِ وَالْمَسْبِيَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْحَمْلُ مُتَحَقِّقًا أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَحَقِّقٍ وَمُلِكَتْ الْأَمَةُ بِسَبْيٍ، أَوْ شِرَاءِ، أَوْ غَيْرِهِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الزَّانِيَةِ غَيْرِ الْحَامِلِ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، أَوْ تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ فَذَهَبَ الْأَقَلُّ إلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهَا وَالدَّلِيلُ غَيْرُ نَاهِضٍ مَعَ الْفَرِيقَيْنِ، فَإِنَّ الْأَكْثَرَ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ»، وَلَا دَلِيلَ فِيهِ إلَّا عَلَى عَدَمِ لُحُوقِ وَلَدِ الزِّنَى بِالزَّانِي وَالْقَائِلُ بِوُجُوبِ الْعِدَّةِ اسْتَدَلَّ بِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الزَّانِيَةَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِيهَا، فَإِنَّهَا فِي الزَّوْجَاتِ. نَعَمْ تَدْخُلُ فِي دَلِيلِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute