وَفِي الْقُرْبَى، وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ. وَفِي رِوَايَةِ لِلْبُخَارِيِّ: «تَصَدَّقَ بِأَصْلِهَا: لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ».
٨٧٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ» الْحَدِيثَ، وَفِيهِ «فَأَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ» فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ أَنَّهُ كَانَ لِعُمَرَ مِائَةُ رَأْسٍ فَاشْتَرَى بِهَا مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ «فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْت أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ فَقَالَ إنْ شِئْت حَبَسْت أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْت بِهَا قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ وَأَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا وَلَا يُورَثُ وَلَا يُوهَبُ فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى» أَيْ ذَوِي قُرْبَى عُمَرَ «وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صِدِّيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ مَالًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «تَصَدَّقَ بِأَصْلِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ» أَفَادَتْ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ كَوْنَهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ مِنْ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْوَقْفِ وَهُوَ يَدْفَعُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ بِجَوَازِ بَيْعِ الْوَقْفِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إنَّهُ لَوْ بَلَغَ أَبَا حَنِيفَةَ هَذَا الْحَدِيثَ لَقَالَ بِهِ وَرَجَعَ عَنْ بَيْعِ الْوَقْفِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَدُّ الْوَقْفِ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ «أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا مَنْ وَلِيَهَا بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الْعَامِلَ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرَةِ الْوَقْفِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْهُ لَاسْتُقْبِحَ ذَلِكَ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ الْقَدْرُ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَقِيلَ الْقَدْرُ الَّذِي يَدْفَعُ الشَّهْوَةَ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ (غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ) أَيْ غَيْرَ مُتَّخِذٍ مِنْهَا مَالًا أَيْ مِلْكًا وَالْمُرَادُ لَا يَتَمَلَّكُ شَيْئًا مِنْ رِقَابِهَا وَلَا يَأْخُذُ مِنْ غَلَّتِهَا مَا يَشْتَرِي بَدَلَهُ مِلْكًا بَلْ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا يُنْفِقُهُ وَزَادَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى بِهَا إلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ إلَى الْأَكَابِرِ مِنْ آلِ عُمَرَ وَنَحْوُهُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute