١٢٢٥ - وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلَى أُكَيْدِرِ دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، فَأَخَذُوهُ فَأَتَوْا بِهِ. فَحَقَنَ دَمَهُ، وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِي امْتِنَاعِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَأْيَ الصَّحَابَةِ أَنْ لَا تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِنْ كُلِّ مُشْرِكٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُخِذَتْ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي أَغْلَبِ قَوْلَيْهِ إلَى أَنَّهَا إنَّمَا قُبِلَتْ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا أُخِذَتْ الْجِزْيَةُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِالْكِتَابِ وَمِنْ الْمَجُوسِ بِالسُّنَّةِ انْتَهَى (قُلْت) قَدَّمْنَا لَك أَنَّ الْحَقَّ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ كُلِّ مُشْرِكٍ كَمَا دَلَّ لَهُ حَدِيثُ بُرَيْدَةَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي قَوْلِهِ «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» مَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ. وَيَدُلُّ لِمَا قَدَّمْنَاهُ قَوْلُهُ:
(وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ) هُوَ أَبُو عَمْرٍو عَاصِمُ بْنُ عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعَدَوِيُّ الْقُرَشِيُّ. وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَنَتَيْنِ وَكَانَ وَسِيمًا جَسِيمًا خَيِّرًا فَاضِلًا شَاعِرًا، مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ قَبْلَ مَوْتِ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ؛ وَهُوَ جَدُّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِأُمِّهِ رَوَى عَنْهُ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ (عَنْ أَنَسٍ) أَيْ ابْنِ مَالِكٍ (وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ) أَيْ ابْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمِ الْقُرَشِيِّ الْمَكِّيِّ، سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرَهُمْ (أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلَى أُكَيْدِرِ» بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بَعْدَ الْكَافِ مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ فَدَالٌ مُهْمَلَةٌ فَرَاءٌ (دَوْمَةِ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَدَوْمَةُ الْجَنْدَلِ اسْمُ مَحَلٍّ «فَأَخَذُوهُ وَأَتَوْا بِهِ فَحَقَنَ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) قَالَ الْخَطَّابِيُّ أُكَيْدِرُ دَوْمَةَ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ يُقَالُ إنَّهُ مِنْ غَسَّانَ. فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ الْعَرَبِ كَجَوَازِهِ مِنْ الْعَجَمِ انْتَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute