للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

٥٨٣ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ - فِي كَنْزٍ وَجَدَهُ رَجُلٌ فِي خَرِبَةٍ - إنْ وَجَدْته فِي قَرْيَةٍ مَسْكُونَةٍ فَعَرِّفْهُ. وَإِنْ وَجَدْته فِي قَرْيَةٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " وَفِي الرِّكَازِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ آخِرُهُ زَايٌ الْمَالُ الْمَدْفُونُ - يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْلَبَ بِكَثِيرِ عَمَلٍ (الْخُمُسُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

لِلْعُلَمَاءِ فِي حَقِيقَةِ الرِّكَازِ قَوْلَانِ: (الْأَوَّلُ) أَنَّهُ الْمَالُ الْمَدْفُونُ فِي الْأَرْضِ مِنْ كُنُوزِ الْجَاهِلِيَّةِ.

(الثَّانِي) أَنَّهُ الْمَعَادِنُ. قَالَ مَالِكٌ بِالْأَوَّلِ قَالَ: وَأَمَّا الْمَعَادِنُ فَتُؤْخَذُ فِيهَا الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الزَّرْعِ وَمِثْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِلَى الثَّانِي ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَعْدِنِ.

وَخَصَّ الشَّافِعِيُّ الْمَعْدِنَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُمْ قَالُوا: وَمَا الرِّكَازُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ الَّتِي خُلِقَتْ فِي الْأَرْضِ يَوْمَ خُلِقَتْ» إلَّا أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ.

وَاعْتَبَرَ النِّصَابَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ عَمَلًا بِحَدِيثِ «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ» فِي نِصَابِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِلَى أَنَّهُ يَجِبُ رُبُعُ الْعُشْرِ بِحَدِيثِ «وَفِي الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ» بِخِلَافِ الرِّكَازِ فَيَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ النِّصَابُ.

وَوَجْهُ الْحِكْمَةِ فِي التَّفْرِقَةِ أَنَّ أَخْذَ الرِّكَازِ بِسُهُولَةٍ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ الْمَعْدِنِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ.

وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْخُمُسُ فِي الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ لَهُمَا بِالنِّصَابِ بَلْ يَجِبُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَإِلَى أَنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ مِنْ ظَاهِرِهِمَا أَوْ بَاطِنِهِمَا فَيَشْمَلُ الرَّصَاصَ وَالنُّحَاسَ وَالْحَدِيدَ وَالنِّفْطَ وَالْمِلْحَ وَالْحَطَبَ وَالْحَشِيشَ وَالْمُتَيَقَّنُ بِالنَّصِّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَمَا عَدَاهُمَا الْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ، وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَوْجُودَةً فِي عَصْرِ النُّبُوَّةِ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أَخَذَ فِيهَا خُمُسًا وَلَمْ يَرِدْ إلَّا حَدِيثُ الرِّكَازِ وَهُوَ فِي الْأَظْهَرِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَآيَةُ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} وَهِيَ فِي غَنَائِمِ الْحَرْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>