٥١٥ - وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَرِيعًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «جَاءَتْ الْأَنْصَارُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالُوا: أَصَابَنَا قَرْحٌ وَجَهْدٌ فَقَالَ: احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا وَاجْعَلُوا الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَمِثْلُهُ الْمَرْأَتَانِ وَالثَّلَاثُ.
وَأَمَّا دَفْنُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ فَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّهُ «كَانَ يَدْفِنُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ فَيُقَدَّمُ الرَّجُلُ وَتُجْعَلُ الْمَرْأَةُ وَرَاءَهُ» وَكَأَنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَائِلًا مِنْ تُرَابٍ
(الْحُكْمُ الرَّابِعُ): أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَلِأَهْلِ الْمَذْهَبِ تَفَاصِيلُ فِي ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ وَابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يَجِبُ غُسْلُهُ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ: لَا تُغَسِّلُوهُمْ فَإِنَّ كُلَّ جُرْحٍ أَوْ دَمٍ يَفُوحُ مِسْكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَبَيَّنَ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ
(الْحُكْمُ الْخَامِسُ): عَدَمُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَعْرُوفٌ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي عَلَيْهِ عَمَلًا بِعُمُومِ أَدِلَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَبِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ وَكَبَّرَ عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً، وَبِأَنَّهُ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ عَمَلًا بِرِوَايَةِ جَابِرٍ هَذِهِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: جَاءَتْ الْأَخْبَارُ كَأَنَّهَا عِيَانٌ مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ» وَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَيْهِمْ وَكَبَّرَ عَلَى حَمْزَةَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً» لَا يَصِحُّ وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لِمَنْ عَارَضَ بِذَلِكَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ أَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْ نَفْسِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ يَعْنِي وَالْمُخَالِفُ يَقُولُ: لَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ فَلَا يَتِمُّ لَهُ الِاسْتِدْلَال وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ حِينَ عَلِمَ قُرْبَ أَجَلِهِ مُوَدِّعًا بِذَلِكَ وَلَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ انْتَهَى.
وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهُ دَعَا لَهُمْ عَدَمُ الْجَمْعِيَّةِ بِأَصْحَابِهِ إذْ لَوْ كَانَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَأَشْعَرَ أَصْحَابَهُ وَصَلَّاهَا جَمَاعَةً كَمَا فَعَلَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى النَّجَاشِيِّ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ أَفْضَلُ قَطْعًا وَأَهْلُ أُحُدٍ أَوْلَى النَّاسِ بِالْأَفْضَلِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ فُرَادَى وَحَدِيثُ عُقْبَةَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ» زَادَ ابْنُ حِبَّانَ " وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute