للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٠٩٧ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا أَوْ رَمْيًا بِحَجَرٍ، أَوْ سَوْطٍ، أَوْ عَصًا، فَعَقْلُهُ عَقْلُ الْخَطَإِ، وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا، فَهُوَ قَوَدٌ، وَمَنْ حَالَ دُونَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ.

(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قُتِلَ فِي عِمِّيَّا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ بِالْقَصْرِ فِعِّيلَى مِنْ الْعَمَاءِ. وَقَوْلُهُ: (أَوْ رِمِّيًّا) بِزِنَةِ مَصْدَرٍ يُرَادُ بِهِ الْمُبَالَغَةُ «بِحَجَرٍ، أَوْ سَوْطٍ، أَوْ عَصًا فَعَلَيْهِ عَقْلُ الْخَطَإِ وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا، فَهُوَ قَوَدٌ وَمَنْ حَالَ دُونَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ).

قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي تَفْسِيرِ اللَّفْظَيْنِ: الْمَعْنَى أَنْ يُوجَدَ بَيْنَهُمْ قَتِيلٌ يَعْمَى أَمْرُهُ، وَلَا يَتَبَيَّنُ قَاتِلُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ قَتِيلِ الْخَطَإِ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ.

الْحَدِيثُ فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ قَاتِلُهُ، فَإِنَّهَا تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ وَتَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ أَيْمَانِ قَسَامَةٍ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ إنْ كَانَ الْحَاضِرُونَ الَّذِينَ وَقَعَ بَيْنَهُمْ الْقَتْلُ مُنْحَصِرِينَ لَزِمَتْ الْقَسَامَةُ وَجَرَى فِيهَا حُكْمُهَا مِنْ الْأَيْمَانِ وَالدِّيَةِ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُنْحَصِرِينَ لَزِمَتْ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ اُخْتُلِفَ هَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ لَا قَالَ إِسْحَاقُ بِالْوُجُوبِ وَتَوْجِيهُهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ مَاتَ بِفِعْلِ قَوْمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَوَجَبَتْ دِيَتُهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَذَهَبَ الْحَسَنُ إلَى أَنَّ دِيَتَهُ تَجِبُ عَلَى جَمِيعِ مَنْ يَحْضُرُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِمْ، فَلَا تَتَعَدَّاهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ، وَقَالَ مَالِكٌ إنَّهُ يُهْدَرُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ قَاتِلُهُ بِعَيْنِهِ اسْتَحَالَ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ أَحَدٌ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ إنَّهُ يُقَالُ لِوَلِيِّهِ اُدْعُ عَلَى مَنْ شِئْت وَاحْلِفْ، فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ الدِّيَةَ، وَإِنْ نَكَلَ حُلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى النَّفْيِ وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّمَ لَا يَجِبُ إلَّا بِالطَّلَبِ، وَإِذَا عَرَفْت هَذَا الِاخْتِلَافَ وَعَدَمَ الْمُسْتَنَدِ الْقَوِيِّ فِي أَيِّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ سَنَدَ الْحَدِيثِ قَوِيٌّ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ بِهِ أَوْلَى الْأَقْوَالِ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) فِي قَوْلِهِ «وَمَنْ قُتِلَ عَمْدًا، فَهُوَ قَوَدٌ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُوجِبُهُ الْقَتْلُ عَمْدًا هُوَ الْقَوَدُ عَيْنًا. وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ:

(الْأَوَّلُ) أَنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ وَيَدُلُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>