١٠٦٠ - وَعَنْهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
١٠٦١ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيدَ عَلَى ابْنَةِ حَمْزَةَ، فَقَالَ: إنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي، إنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْهَا) أَيْ عَائِشَةَ (قَالَتْ «كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
يُقْرَأُ بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ تُرِيدُ أَنَّ النَّسْخَ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ تَأَخَّرَ إنْزَالُهُ جِدًّا حَتَّى إنَّهُ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْضُ النَّاسِ يَقْرَأُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَيَجْعَلُهَا قُرْآنًا مَتْلُوًّا لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ فَلَمَّا بَلَغَهُمْ النَّسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُتْلَى، وَهَذَا مِنْ نَسْخِ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ، وَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ النَّسْخِ، فَإِنَّهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: نَسْخُ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ مِثْلُ عَشْرُ رَضَعَاتٍ يُحَرِّمْنَ.
وَالثَّانِي نَسْخُ التِّلَاوَةِ دُونَ الْحُكْمِ كَخَمْسِ رَضَعَاتٍ وَكَالشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا.
وَالثَّالِثُ نَسْخُ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ، وَهُوَ كَثِيرٌ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} الْآيَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي حُكْمِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا أَفَادَهُ هُوَ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا لَيْسَ بِقُرْآنٍ - لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْآحَادِ، وَلَا هُوَ حَدِيثٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْوِهِ حَدِيثًا - مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ قُرْآنِيَّتُهُ وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، فَقَدْ رَوَتْهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَهُ حُكْمُ الْحَدِيثِ فِي الْعَمَلِ بِهِ، وَقَدْ عَمِلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ فَعَمِلَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَعَمِلَ بِهِ الْهَادَوِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي " صِيَامِ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ "، وَعَمِلَ مَالِكٌ فِي فَرْضِ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ بِقِرَاءَةِ أُبَيٍّ {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} مِنْ أُمٍّ " وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَالْعَمَلُ بِحَدِيثِ الْبَابِ هَذَا لَا عُذْرَ عَنْهُ وَلِذَا اخْتَرْنَا الْعَمَلَ بِهِ فِيمَا سَلَفَ.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُرِيدَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute