وَلِأَحْمَدَ وَالْأَرْبَعَةِ: فَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِك شَيْئًا، مُرْهَا فَلْتَخْتَمِرْ، وَلْتَرْكَبْ، وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ».
١٢٩٢ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ. فَقَالَ: اقْضِهِ عَنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: «نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ حَافِيَةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَفْتَيْته فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ: وَلِأَحْمَدَ وَالْأَرْبَعَةُ فَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِك شَيْئًا مُرْهَا فَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَرْكَبْ وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ وَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ لِغَيْرِ عَجْزٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ. وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرُّكُوبُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَشْيِ فَإِذَا عَجَزَ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ وَلَزِمَهُ دَمٌ مُسْتَدِلِّينَ بِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُد لِحَدِيثِ «عُقْبَةَ بِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ إنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً وَإِنَّهَا لَا تُطِيقُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَغَنِيٌّ عَنْ مَشْيِ أُخْتِك فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً» قَالُوا فَتَقْيِيدُ رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَلْتَمْشِ إنْ اسْتَطَاعَتْ وَتَرْكَبْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا تُطِيقُ الْمَشْيَ فِيهِ أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ (فَلْتَخْتَمِرْ) ذَكَرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ «أَنَّهَا نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ لِلَّهِ مَاشِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ قَالَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مُرْهَا - الْحَدِيثَ» وَلَعَلَّ الْأَمْرَ بِصِيَامِ ثَلَاثِهِ أَيَّامٍ لِأَجْلِ النَّذْرِ بِعَدَمِ الِاخْتِمَارِ فَإِنَّهُ نَذْرٌ بِمَعْصِيَةٍ فَوَجَبَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَهُوَ مِنْ أَدِلَّةِ مَنْ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي النَّذْرِ بِمَعْصِيَةٍ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ فِي إسْنَادِهِ اخْتِلَافًا وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَلْتَرْكَبْ " وَلْتُهْدِ بَدَنَةً " قَالَ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْأَمْرُ بِالْإِهْدَاءِ فَإِنْ صَحَّ فَكَأَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ وَفِي وَجْهِهِ خَفَاءٌ.
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ فَقَالَ: اقْضِهِ عَنْهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) لَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا هُوَ النَّذْرُ وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ «أَفَيُجْزِئُ أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا فَقَالَ أَعْتِقْ عَنْ أُمِّك» فَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا نَذَرَتْ بِعِتْقِ وَأَمَّا مَا أَخْرَجَ النَّسَائِيّ «عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: سَقْيُ الْمَاءِ» فَإِنَّهُ فِي أَمْرٍ آخَرَ غَيْرِ الْفُتْيَا إذْ هَذَا فِي سُؤَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّدَقَةِ تَبَرُّعًا عَنْهَا وَالْحَدِيثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute