للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٥٠ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

٦٥١ - وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ بِلَفْظِ: " لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ "

(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ قَالَ شَارِحُ الْمَصَابِيحِ فُسِّرَ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى مَعْنَى الدُّعَاءِ عَلَيْهِ زَجْرًا لَهُ عَنْ صَنِيعِهِ وَالْآخَرُ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بِمُكَابَدَةِ سُورَةِ الْجُوعِ وَحَرِّ الظَّمَأِ لِاعْتِيَادِهِ الصَّوْمَ حَتَّى خَفَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الصَّبْرِ عَلَى الْجَهْدِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الصَّوْمِ وَيُؤَيِّدُ أَنَّهُ لِلْإِخْبَارِ قَوْلُهُ.

٦٥١ - وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ بِلَفْظِ: " لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ " (وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ ") وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ بِلَفْظِ " لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ " قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إنْ كَانَ دُعَاءً فَيَا وَيْحَ مَنْ دَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ الْخَبَرَ فَيَا وَيْحَ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يَصُمْ وَإِذَا لَمْ يَصُمْ شَرْعًا فَكَيْفَ يُكْتَبُ لَهُ ثَوَابٌ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي صِيَامِ الْأَبَدِ فَقَالَ بِتَحْرِيمِهِ طَائِفَةٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ خُزَيْمَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى جَوَازِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَتَأَوَّلُوا أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ صَامَهُ مَعَ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا مِنْ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ مَرْدُودٌ بِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ عَمْرٍو عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ وَتَعْلِيلُهُ بِأَنَّ لِنَفْسِهِ عَلَيْهِ حَقًّا وَلِأَهْلِهِ حَقًّا وَلِضَيْفِهِ حَقًّا وَلِقَوْلِهِ «أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَأُفْطِرُ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» فَالتَّحْرِيمُ هُوَ الْأَوْجُهُ دَلِيلًا وَمِنْ أَدِلَّتِهِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ وَعُقِدَ بِيَدِهِ» قَالَ الْجُمْهُورُ: يُسْتَحَبُّ صَوْمُ الدَّهْرِ لِمَنْ لَا يُضْعِفُهُ عَنْ حَقِّهِ وَتَأَوَّلُوا أَحَادِيثَ النَّهْيِ تَأْوِيلًا غَيْرَ رَاجِحٍ وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَهُ صَوْمِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ مَعَ رَمَضَانَ وَشَبَهُ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ بِصَوْمِ الدَّهْرِ فَلَوْلَا أَنَّ صَاحِبَهُ يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ لَمَّا شُبِّهَ بِهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرِ مَشْرُوعِيَّتِهِ فَإِنَّهَا تُغْنِي عَنْهُ كَمَا أَغْنَتْ الْخَمْسُ الصَّلَوَاتُ عَنْ الْخَمْسِينَ الصَّلَاةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>