٩٢٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
(وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوَالِيهِ وَأَهْلِهِ فَهُوَ عَاهِرٌ» أَيْ زَانٍ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ، وَكَذَلِكَ) صَحَّحَهُ (ابْنُ حِبَّانَ) وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَأَنَّهُ وَجَدَ عَبْدًا لَهُ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَبْطَلَ عَقْدَهُ وَضَرَبَهُ الْحَدَّ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِكَاحَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ بَاطِلٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الزِّنَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ إلَّا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، وَيَلْحَقُ بِهِ النَّسَبُ، وَذَهَبَ دَاوُد إلَى أَنَّ نِكَاحَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ صَحِيحٌ لِأَنَّ النِّكَاحَ عِنْدَهُ فَرْضُ عَيْنٍ فَهُوَ كَسَائِرِ فُرُوضِ الْعَيْنِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَدَيْهِ الْحَدِيثُ، وَقَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: إنَّ الْعَقْدَ الْبَاطِلَ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الزِّنَا هُنَا، وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّ الْعَقْدَ شُبْهَةٌ يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ، وَهَلْ يَنْفُذُ عَقْدُهُ بِالْإِجَازَةِ مِنْ سَيِّدِهِ فَقَالَ النَّاصِرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ لِأَنَّهُ سَمَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَاهِرًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْإِجَازَةُ إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَقُولُ بِالْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ أَصْلًا، وَالْمُرَادُ بِالْعَاهِرِ أَنَّهُ كَالْعَاهِرِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ حَقِيقَةً.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا يُجْمَعُ) بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ، وَ " لَا " نَافِيَةٌ فَهُوَ مَرْفُوعٌ، وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي إحْدَى رِوَايَاتِ الصَّحِيحِ بِلَفْظِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ مَنْ ذُكِرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَنْ ذُكِرَ، وَهُوَ قَوْلُ مَنْ لَقِيته مِنْ الْمُفْتِينَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَسْت أَعْلَمُ فِي مَنْعِ ذَلِكَ اخْتِلَافًا الْيَوْمَ، وَإِنَّمَا قَالَ بِالْجَوَازِ فِرْقَةٌ مِنْ الْخَوَارِجِ، وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ أَيْضًا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ حَزْمٍ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خَصَّصَ عُمُومَ قَوْله تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} الْآيَةَ قِيلَ: وَيَلْزَمُ الْحَنَفِيَّةَ أَنْ يُجَوِّزُوا الْجَمْعَ بَيْنَ مَنْ ذُكِرَ لِأَنَّ أُصُولَهُمْ تَقْدِيمُ عُمُومِ الْكِتَابِ عَلَى أَخْبَارِ الْآحَادِ إلَّا أَنَّهُ أَجَابَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، وَالْمَشْهُورُ لَهُ حُكْمُ الْقَطْعِيِّ سِيَّمَا مَعَ الْإِجْمَاعِ مِنْ الْأَمَةِ، وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْمُخَالِفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute