٧٩٢ - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً، فَقَبِلَهَا، فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ.
دَالٌّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْعِينَةِ، فَيَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الْبَائِعُ لَهُ وَيَعُودُ لَهُ عَيْنُ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَفْصِلْ ذَلِكَ فِي مَقَامِ الِاحْتِمَالِ دَلَّ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الِاحْتِمَالِ يَجْرِي مَجْرَى الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ. وَأُيِّدَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ مُدَّةٍ لَا لِأَجْلِ التَّوَصُّلِ إلَى عَوْدِهِ إلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ. وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ: يَجُوزُ الْبَيْعُ مِنْ الْبَائِعِ إذَا كَانَ غَيْرَ حِيلَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ وَبِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ وُجُودُ الشَّرْطِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَعَدَمِهِ، فَإِذَا كَانَ مَشْرُوطًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ أَوْ بَاطِلٌ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ كَانَ مُضْمَرًا غَيْرَ مَشْرُوطٍ فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَعَلَّهُمْ يَقُولُونَ: حَدِيثُ الْعِينَةِ فِيهِ مَقَالٌ فَلَا يَنْهَضُ دَلِيلًا عَلَى التَّحْرِيمِ. وَقَوْلُهُ «وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ» كِنَايَةٌ عَنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ الْجِهَادِ بِالْحَرْثِ. وَالرِّضَا بِالزَّرْعِ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِهِ قَدْ صَارَ هَمُّهُمْ وَهِمَّتُهُمْ. وَتَسْلِيطُ اللَّهِ كِنَايَةٌ عَنْ جَعْلِهِمْ أَذِلَّاءَ بِالتَّسْلِيطِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ، وَقَوْلُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى دِينِكُمْ أَيْ تَرْجِعُوا إلَى الِاشْتِغَالِ بِأَعْمَالِ الدَّيْنِ، وَفِي هَذِهِ الْعِبَارَةُ زَجْرٌ بَالِغٌ وَتَقْرِيعٌ شَدِيدٌ حَتَّى جَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرِّدَّةِ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْجِهَادِ.
(وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً فَقَبِلَهَا فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْهَدِيَّةِ فِي مُقَابَلَةِ الشَّفَاعَةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءُ كَانَ قَاصِدًا لِذَلِكَ عِنْدَ الشَّفَاعَةِ أَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ لَهَا وَتَسْمِيَتُهُ رِبًا مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ لِلشَّبَهِ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الزِّيَادَةُ فِي الْمَالِ مِنْ الْغَيْرِ لَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ وَهَذَا مِثْلُهُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَتْ الشَّفَاعَةُ فِي وَاجِبٍ كَالشَّفَاعَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ فِي إنْقَاذِ الْمَظْلُومِ مِنْ يَدِ الظَّالِمِ أَوْ كَانَتْ فِي مَحْظُورٍ كَالشَّفَاعَةِ عِنْدَهُ فِي تَوْلِيَةِ ظَالِمٍ عَلَى الرَّعِيَّةِ فَإِنَّهَا فِي الْأُولَى وَاجِبَةٌ فَأَخْذُ الْهَدِيَّةِ فِي مُقَابِلِهَا مُحَرَّمٌ، وَالثَّانِيَةُ مَحْظُورَةٌ فَقَبْضُهَا فِي مُقَابِلِهَا مَحْظُورٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّفَاعَةُ فِي أَمْرٍ مُبَاحٍ فَلَعَلَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute