١١٣٦ - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «رَجَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ، وَرَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ وَامْرَأَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ - وَقِصَّةُ الْيَهُودِيَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
أَنَّهَا رُجِمَتْ بَعْدَ أَنْ فَطَمَتْ وَلَدَهَا وَأَتَتْ بِهِ وَفِي يَدِهِ كِسْرَةُ خُبْزٍ، فَفِي رِوَايَةِ الْكِتَابِ طَيٌّ وَاخْتِصَارٌ؛ قَالَ النَّوَوِيُّ: بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَهُمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: ظَاهِرُهُمَا الِاخْتِلَافُ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ رَجْمَهَا كَانَ بَعْدَ فِطَامِهِ وَأَكْلِهِ الْخُبْزَ وَالْأُولَى أَنَّهُ رَجَمَهَا عَقِيبَ الْوِلَادَةِ فَيَجِبُ تَأْوِيلُ الْأُولَى وَحَمْلُهَا عَلَى وَفْقِ الثَّانِيَةِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى: " قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: إلَى رَضَاعِهِ " إنَّمَا قَالَهُ بَعْدَ الْفِطَامِ، وَأَرَادَ بِرَضَاعِهِ كَفَالَتَهُ وَتَرْبِيَتَهُ وَسَمَّاهُ رَضَاعًا مَجَازًا؛ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ.
وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الرَّجْمِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَأَمَّا شَدُّ ثِيَابِهَا عَلَيْهَا فَلِأَجْلِ أَنْ لَا تُكْشَفَ عِنْدَ اضْطِرَابِهَا مِنْ مَسِّ الْحِجَارَةِ.
وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهَا تُرْجَمُ الْمَرْأَةُ قَاعِدَةً وَالرَّجُلُ قَائِمًا إلَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَقَالَ قَاعِدًا، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى الْمَرْأَةِ بِنَفْسِهِ إنْ صَحَّتْ الرِّوَايَةُ فَصَلَّى بِالْبِنَاءِ لِلْمَعْلُومِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ الطَّبَرِيُّ: إنَّهَا بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ اللَّامِ، قَالَ: وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي دَاوُد، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ لِمُسْلِمٍ بِفَتْحِ الصَّادِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَظَاهِرُ قَوْلِ عُمَرَ: " تُصَلِّي عَلَيْهَا " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاشَرَ الصَّلَاةَ بِنَفْسِهِ فَهُوَ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْأَكْثَرِ لِمُسْلِمٍ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ صَلَّى أَمَرَ بِأَنْ يُصَلَّى وَأَنَّهُ أَسْنَدَ إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِ الْآمِرَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَإِنَّ الْأَصْلَ الْحَقِيقَةُ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ صَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا أَوْ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ، فَالْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْجُومِ يُصَادِمُ النَّصَّ إلَّا أَنْ تُخَصَّ الْكَرَاهَةُ بِمَنْ رُجِمَ بِغَيْرِ الْإِقْرَارِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَمْ يَتُبْ فَهَذَا يَنْزِلُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْفُسَّاقِ، فَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَا دَلِيلَ مَعَ الْمَانِعِ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ لَا تُسْقِطُ الْحَدَّ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْجُمْهُورِ.
وَالْخِلَافُ فِي حَدِّ الْمُحَارِبِ إذَا تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ}.
(وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ) يُرِيدُ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ (وَرَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ وَامْرَأَةً) يُرِيدُ الْجُهَنِيَّةَ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقِصَّةُ الْيَهُودِيَّيْنِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ) أَمَّا حَدِيثُ مَاعِزٍ وَالْجُهَنِيَّةِ فَتَقَدَّمَا.
وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute